إجابات أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن أسئلة رؤساء اليهود

علي ومعاصروه

إجابات أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن أسئلة رؤساء اليهود

53K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 11-04-2016

إجابات أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن أسئلة رؤساء اليهود .

قال عبد الله بن عباس : ((قدم يهوديّان أخوان من رؤساء اليهود بالمدينة فقالا : يا قوم إنَّ نبيّنا حدَّثنا عنه أنّه قد ظهر نبيّ بتهامة يسفّه أحلام اليهود ، ويطعن في دينهم، ونحن نخاف أن يزيّلنا عمَّا كان عليه آباؤنا فأيّكم هذا النبيّ ؟ فإن يكن الّذي بشَّر به داود آمنَّا به واتّبعناه ، وإن لم يكن يورد الكلام على ائتلافه ويقول الشعر ويقهرنا بلسانه جاهدناه بأنفسنا وأموالنا ، فأيَّكم هذا النبيّ ؟ فقال المهاجرون والأنصار : إنّ نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قُبِض .

 فقالا : الحمد لله فأيَّكم وصيَّه؟ فما بعث الله (عزَّ وجلَّ) نبيّاً إلى قوم إلَّا وله وصيّ يؤدِّي عنه من بعده ويحكي عنه ما أمره ربَّه، فأومأ المهاجرون والأنصار إلى أبي بكر، فقالوا: هو وصيُّه؛ فقالا لأبي بكر: إنَّا نلقي عليك من المسائل ما يُلقى على الأوصياء ونسألك عمَّا تسأل الأوصياء عنه .

فقال لهما أبو بكر : ألقيا ما شئتما اُخبركما بجوابه إن شاء الله.

فقال أحدهما : ما أنا وأنت عند الله (عزَّ وجلَّ)؟ وما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة ؟ وما قبر سار بصاحبه؟ ومن أين تطلع الشمس؟ وفي أين تغرب؟ وأين طلعت الشمس ثمّ لم تطلع فيه بعد ذلك ؟ وأين تكون الجنّة؟ وأين تكون النار؟ وربّك يحمل أو يُحمل؟ وأين يكون وجه ربّك ؟ وما اثنان شاهدان؟ وما اثنان غائبان؟ وما اثنان متباغضان ؟ وما الواحد ؟ وما الاثنا ؟ وما الثلاثة ؟ وما الأربعة؟ وما الخمسة ؟ وما السّتة ؟ وما السّبعة ؟ وما الثمانية؟ وما التسعة ؟ وما العشرة؟ وما الأحد عشر ؟ وما الاثنا عشر؟ وما العشرون؟ وما الثلاثون ؟ وما الأربعون؟ وما الخمسون؟ وما السّتون؟ وما السّبعون؟ وما الثمانون؟ وما التسعون؟ وما المائة؟.

قال : فبقي أبو بكر لا يردُّ جواباً وتخوّفنا أن يرتدَّ القوم عن الإسلام ، فأتيتُ منزل عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقلت له : يا عليّ إنَّ رؤساء اليهود قد قدموا المدينة وألقوا على أبي بكر مسائل فبقي أبو بكر لا يردُّ جواباً . فتبسَّم علي (عليه السلام) ضاحكاً ثمّ قال: «هو اليوم الّذي وعدني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). 

فأقبل يمشي أمامي وما أخطأت مشيته من مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً حتَّى قعد في الموضع الّذي كان يقعد فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمّ التفت إلى اليهوديّين فقال: « يا يهوديّان ادنوا منّي وألقيا عليّ ما ألقيتماه على الشيخ». 

فقال اليهوديّان: ومن أنت؟

فقال (عليه السلام) لهما: «أنا عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب ، أخو النبيّ وزوج ابنته فاطمة وأبو الحسن والحسين ووصيّه في حالاته كلّها وصاحب كلّ منقبة وعزّ ، وموضع سرّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم)».

فقال له أحد اليهوديّين: ما أنا وأنت عند الله؟

قال ( عليه السلام ): «أنا مؤمن منذ عرفت نفسي وأنت كافر منذ عرفت نفسك ، فما أدري ما يحدث الله فيك يا يهوديّ بعد ذلك».

فقال اليهودي: فما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة؟

قال (عليه السلام): « ذاك يونس ( عليه السلام ) في بطن الحوت».

قال: فما قبر سار بصاحبه؟

قال (عليه السلام): «يونس حين طاف به الحوت في سبعة أبحر» .

قال: فأين طلعت الشمس ثمّ لم تطلع في ذلك الموضع؟

قال (عليه السلام): «في البحر حين فلقه الله لبني إسرائيل لقوم موسى ( عليه السلام)».

قال له: فربّك يحمل أو يُحمل؟

قال (عليه السلام):  «إنَّ ربِّي (عزَّ وجلَّ) يحمل كلَّ شيء بقدرته ولا يحمله شيء».

قال: فكيف قوله (عزَّ وجلَّ): (ويحمل عرش ربّك فوقهم يومئذٍ ثمانية)؟

قال (عليه السلام): « يا يهوديّ إنّ لله ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، فكلّ شيء على الثرى والثرى على القدرة والقدرة تحمل كلّ شيء».

قال: فأين تكون الجنّة وأين تكون النّار؟ قال (عليه السلام) : «أمّا الجنّة ففي السّماء وأمّا النار ففي الأرض» .

قال : فأين يكون وجه ربّك؟ فقال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) لي: «يا بن عبّاس ائتني بنار وحطب» .

 فأتيته بنار وحطب فأضرمها ثمّ قال: «يا يهوديّ أين يكون وجه هذه النّار»؟ قال : لا أقف لها على وجه.

قال (عليه السلام): «فإنَّ ربِّي (عزَّ وجلَّ) عن هذا المثل ، وله المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه الله»

فقال له: ما اثنان شاهدان؟ قال (عليه السلام): «السّماوات والأرض لا يغيبان ساعة».

قال: فما اثنان غائبان؟ قال (عليه السلام): «الموت والحياة لا يوقف عليهما». 

قال: فما اثنان متباغضان؟ قال ( عليه السلام ): «اللّيل والنّهار» .

قال: فما الواحد؟ قال (عليه السلام): « الله عزَّ وجلَّ » .

قال: فما الاثنان؟ قال (عليه السلام): « آدم وحوّاء » .

قال: فما الثلاثة؟ قال ( عليه السلام ): «كذبت النصارى على الله (عزَّ وجلَّ) فقالوا: ثالث ثلاثة ، والله لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً».

قال: فما الأربعة؟ قال (عليه السلام):« القرآن والزبور والتوراة والإنجيل».

قال: فما الخمسة؟ قال (عليه السلام): «خمس صلوات مفترضات».

قال: فما السّتة؟ قال ( عليه السلام ) : « خلق الله السماوات والأرض وما بينهما في ستّة أيّام » .

قال: فما السّبعة؟ قال (عليه السلام): «سبعة أبواب النّار متطابقات».

قال: فما الثمانية؟ قال ( عليه السلام ): «ثمانية أبواب الجنّة» .

قال: فما التسعة؟ قال ( عليه السلام ): (تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون).

قال: فما العشرة؟ قال ( عليه السلام ): «عشرة أيّام العشر».

قال: فما الأحد عشر؟ قال (عليه السلام): «قول يوسف لأبيه : (يا أبت إنِّي رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)».

قال: فما الاثنا عشر؟ قال (عليه السلام): «شهور السَّنة».

قال : فما العشرون؟ قال (عليه السلام): «بيع يوسف بعشرين درهماً» .

قال : فما الثلاثون؟ قال (عليه السلام): «ثلاثون يوماً شهر رمضان صيامه فرض واجب على كلّ مؤمن إلاّ من كان مريضاً أو على سفر».

قال : فما الأربعون؟ قال (عليه السلام ) : « كان ميقات موسى ( عليه السلام ) ثلاثون ليلة فأتمَّها الله (عزَّ وجلَّ) بعشر فتمَّ ميقات ربِّه أربعين ليلة » .

قال : فما الخمسون ؟ قال ( عليه السلام ) : « لبث نوح في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً »

قال : فما السّتون ؟ قال ( عليه السلام ) : قول الله (عزَّ وجلَّ) في كفارة الظهار : (فمن لم يستطع فإطعام ستّين مسكيناً) إذا لم يقدر على صيام شهرين متتابعين » .

قال : فما السّبعون ؟ قال ( عليه السلام ) :« اختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقات ربِّه (عزَّ وجلَّ) ».

 قال : فما الثمانون ؟ قال ( عليه السلام ) :«قرية بالجزيرة يقال لها ثمانون منها قعد نوح في السفينة واستوت على الجوديّ ، وأغرق الله القوم».

قال: فما التسعون؟ قال (عليه السلام): «الفلك المشحون اتّخذ نوح فيه تسعين بيتاً للبهائم».

قال : فما المائة ؟ قال (عليه السلام): «كان أجل داود (عليه السلام) ستّين سنة فوهب له آدم (عليه السلام) أربعين سنة من عمره فلمَّا حضرت آدم الوفاة جحدت فجحدت ذريّته». 

فقال له : يا شابّ صف لي محمّداً كأنّي أنظر إليه حتّى اُؤمن به السّاعة ، فبكى أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم قال: «يا يهوديّ هيّجت أحزاني، كان حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلت الجبين، مقرون الحاجبين، أدعج العينين، سهل الخدّين ، أقنى الأنف ، دقيق المسربة، كثّ اللّحية، برّاق الثنايا، كان عنقه إبريق فضّة ، كان له شعيرات من لبّته إلى سُرَّته، ملفوفة كأنّها قضيب كافور، لم يكن في بدنه شعيرات غيرها، لم يكن بالطويل الذاهب ولا بالقصير النّزر، كان إذا مشى مع الناس غمرهم نوره، وكان إذا مشى كأنَّه يتقلّع من صخر أو ينحدر من صَبَب، كان مدوَّر الكعبين، لطيف القدمين، دقيق الخصر، عمامته السّحاب، وسيفه ذو الفقار وبغلته دلدل، وحماره يعفور وناقته العضباء وفرسه لزاز، وقضيبه الممشوق، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) أشفق النّاس على النّاس، وأرأف النّاس بالنّاس ، كان بين كتفيه خاتم النبوّة مكتوب على الخاتم سطران، أمّا أوَّل سطر فلا إله إلاّ الله وأمَّا الثّاني فمحمَّد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه صفته يا يهوديّ» . 

فقال اليهوديان: نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنَّ محمّداً رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنَّك وصيَّ محمّد حقّاً. 

فأسلما وحسن إسلامهما ولزما أمير المؤمنين (عليه السلام) فكانا معه حتّى كان من أمر الجمل ما كان، فخرجا معه إلى البصرة فقُتل أحدهما في وقعة الجمل، وبقي الآخر حتَّى خرج معه إلى صفيّن فقُتِل بصفين.

(الخصال للصدوق باب الواحد إلى المائة الحديث الأوّل، التوحيد للصدوق الباب 28 ص 182 الرقم 16، ارشاد القلوب ج 2 ص 317، بحار الأنوار ج 10 ص 2، بحار الأنوار ج 30 ص 86).

 

المقالة السابقة المقالة التالية

Execution Time: 0.2767 Seconds