قيمة الحكومة الفاسدة من منظور الإمام علي (عليه السلام)

مقالات وبحوث

قيمة الحكومة الفاسدة من منظور الإمام علي (عليه السلام)

9K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 19-11-2019

الباحث: محمد حمزة الخفاجي
الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي عَلَا بِحَوْلِه ودَنَا بِطَوْلِه، مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ وفَضْلٍ وكَاشِفِ كُلِّ عَظِيمَةٍ وأَزْلٍ والصلاة والسلام على خير الروى محمد وآله...
وبعد ...
ليس للحكومات الفاسدة أي قيمة عند أمير المؤمنين (عليه السلام)، ذلك لأنها لم تقم عدلاً ولم ترد باطلاً، فمثل هذه الحكومات لا تساوي شيئا عند الإمام (عليه السلام).
وقد شهد الناس تلك الحكومات التي سبقت حكومته (عليه السلام)، حيث الظلم والجور، فذو حق محروم، ومضروب وجهه، وما إلى ذلك من تعطيل الأحكام السماوية وغصب الحقوق والممتلكات، وكانت فدك خير شاهد على حكمهم وغصبهم الناس أشياءهم.
ولما تولى عثمان الخلافة أحدث ما أحدث في الأمة حتى ثاروا عليه فقتلوه، بعدها رجعوا الى من نص عليه الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)، يقول الإمام (عليه السلام): (فَمَا رَاعَنِي إِلَّا والنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ، إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ . . .)[1].
كان  الإمام زاهدا بالحكم، لأنه عليه السلام إنما هو ولي كل مؤمن ومؤمنة بتنصيب إلهي وتتويج محمدي، فأحيا سنة الله ورسوله بعد أن عطلت بسبب الحكام الغاصبين .
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسِ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): (دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) بِذِي قَارٍ وهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، فَقَالَ لِي: مَا قِيمَةُ هَذَا النَّعْلِ فَقُلْتُ: لَا قِيمَةَ لَهَا فَقَالَ (عليه السلام): واللَّهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ، إِلَّا أَنْ أُقِيمَ حَقّاً، أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلاً).
فإن تعطيل الأحكام وقتل الناس وترويعهم وتجويعهم من أعظم الذنوب وأشدها على الله فمثل تلك الحكومات لا تساوي شسع نعله (عليه السلام) فعلي لا يرتضي بالظلم والجور وإنما اختاره الله وجعله خليفة في الأرض لعدله وزهده وانصافه الذي شهد به الناس، فلا زال يضرب فيه المثل الأعلى في تسويته في الفيء وإنصاف المظلوم ومحاسبة الظالم.
فمن كلام له (عليه السلام)، قاله (أَيُّهَا النَّاسُ، أَعِينُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وايْمُ اللهِ لأُنْصِفَنَّ الْمَظْلُومَ مِنْ ظَالِمِهِ ، ولأَقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ، حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ الْحَقِّ وإِنْ كَانَ كَارِهاً)[2].
فأما أن يكون الوالي هكذا وإلا لا خير فيه وفي حكومته، فالحكومات التي تُبنى على الظلم والجور لا بد أن لها يوم تخذل فيه، وقد شهدنا في عصرنا هذا ما حصل لطواغيت العالم وكيف أصبحت حكوماتهم حيث الشتات والقتل والذلة فهذا هو قصاص الله للمجرمين.
وفي الختام نسأل الله أن يعجل فرج ولينا صاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف.
الهوامش:
[1] - نهج البلاغة، الخطبة: 3 / 49.
[2] - نهج البلاغة: 194.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.4063 Seconds