ثلاث من سعادة المرء

مقالات وبحوث

ثلاث من سعادة المرء

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 18-01-2020

 الباحث: محمد حمزة عباس
الْحَمْدُ لله الْوَاصِلِ الْحَمْدَ بِالنِّعَمِ، والنِّعَمَ بِالشُّكْرِ نَحْمَدُه عَلَى آلَائِه، كَمَا نَحْمَدُه عَلَى بَلَائِه . . .
أما بعد . . .
فالمداومة على الحمد في النعم والاستغفار، وقول لا حول ولا قوة الا بالله في الشدائد، من سعادة الإنسان، وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (ثلاث من حافظ عليها سعد: إذا ظهرت عليك نعمة فاحمد الله، وإذا أبطأ عنك الرزق فاستغفر الله، وإذا أصابتك شدة فأكثر من قول لا حول ولا قوة إلّا بالله)[1].
فهذه ثلاثة بها يسعد الإنسان إذا حافظ عليها:
 أولها: (الحمد)
فمن ظهرت عليه النعم وحمد الله كثيرا على ما أتاه الله (عز وجل) من رزق وعافية وغير ذلك من العطايا الظاهرة والباطنة، فمن المستحيل أن تزول هذه النعم والعبد يحمد الله، وبهذا يكون الانسان سعيداً.
عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: (قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) إِنِّي سَأَلْتُ الله عَزَّ وجَلَّ أَنْ يَرْزُقَنِي مَالاً فَرَزَقَنِي وإِنِّي سَأَلْتُ الله أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً فَرَزَقَنِي وَلَداً وسَأَلْتُه أَنْ يَرْزُقَنِي دَاراً فَرَزَقَنِي وقَدْ خِفْتُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اسْتِدْرَاجاً فَقَالَ: ((أَمَا والله مَعَ الْحَمْدِ فَلَا))[2].
وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: (خَرَجَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) مِنَ الْمَسْجِدِ وقَدْ ضَاعَتْ دَابَّتُه فَقَالَ لَئِنْ رَدَّهَا الله عَلَيَّ لأَشْكُرَنَّ الله حَقَّ شُكْرِه قَالَ فَمَا لَبِثَ أَنْ أُتِيَ بِهَا فَقَالَ الْحَمْدُ لله فَقَالَ لَه قَائِلٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ ألَيْسَ قُلْتَ لأَشْكُرَنَّ الله حَقَّ شُكْرِه فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): ((ألَمْ تَسْمَعْنِي قُلْتُ الْحَمْدُ لله))[3].
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (قول العبد: الحمد لله، أرجح في ميزانه، من سبع سماوات وسبع أرضين، وإذا أكل أو شرب أو لبس ثوبا، قال: الحمد الله، فقال الله: إنه كان عبدا شكورا)[4].
أما الثانية: (الاستغفار)
من أكثر الاستغفار لا شك أن الله سيفرج له، وقد قال تعالى في محكم كتابه: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ}[5].
فسبحانه وتعالى وعد المستغفرين بالمغفرة والزيادة، ولم يحصر العطاء بالأموال فقط، وإنما يرزق الله العباد كل خير وكل ما شاء العبد.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)[6].
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (وقَدْ جَعَلَ الله سُبْحَانَه الِاسْتِغْفَارَ سَبَباً، لِدُرُورِ الرِّزْقِ ورَحْمَةِ الْخَلْقِ فَقَالَ سُبْحَانَه: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا[7]}[8]. وكان (عليه السلام) يقول: (عَجِبْتُ لِمَنْ يَقْنَطُ ومَعَه الِاسْتِغْفَارُ)[9].
أما الثالثة: (قول لا حول ولا قوة إلاّ بالله في الشدة)
فمن أصابته شدة وضاقت عليه الدنيا فعليه بالاستعانة بالله بقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله) كفاه الله ما أهمه، ففي رواية قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لكميل: (قل عند كل شدة: (لا حول ولا قوة إلا بالله) تكفها وقل عند كل نعمة: (الحمد لله) تزدد منها، وإذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسع عليك فيها)[10].
فهذه هي أبواب السعادة التي دلنا عليها الإمام (عليه السلام) فمن أراد أن يكون سعيدا في الدنيا والآخرة فعليه المداومة بهذه الوصايا التي هي مفتاح النجاة لكلا الدارين. والحمد لله رب العالمين.
الهوامش:
[1] - تحف العقول، ابن شعبة الحراني: 207.
[2] - الكافي: 2 / 97.
[3] - المصدر نفسه.
[4] - مستدرك الوسائل، ميرزا حسين النوري الطبرسي: 5 / 314.
[5] - هود: 52.
[6] - بحار الأنوار: 74 / 172.
[7] - نوح: 10 – 12.
[8] - نهج البلاغة، الخطبة: 143.
[9] - نهج البلاغة، الحكمة: 87.
[10] - تحف العقول: 174.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.4752 Seconds