من آثار إخراج الإمام الحسين عليه السلام عياله إلى كربلاء في الإسلام . الأثر الثاني: هواية الأفئدة بين آل أبراهيم وآل الحسين عليهما السلام وشاهده القرآني .

مقالات وبحوث

من آثار إخراج الإمام الحسين عليه السلام عياله إلى كربلاء في الإسلام . الأثر الثاني: هواية الأفئدة بين آل أبراهيم وآل الحسين عليهما السلام وشاهده القرآني .

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 16-09-2022

بقلم : السيد نبيل الحسني الكربلائي.

يعرض القرآن الكريم شاهداً آخر من فلسفة وجود النساء والأطفال في حياة الأنبياء عليهم السلام ، ودفاعهم عن شريعة الله حتى يكاد القرآن لا يجعل فاصلة بين تضحية الأنبياء بأنفسهم عن تضحيتهم بنسائهم وأبنائهم في حفظ الشريعة كما حصل لنبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام حينما أخرج زوجته وولده الرضيع نبي الله إسماعيل عليهما السلام إلى وادٍ غير ذي زرع تحف بهم الأخطار من كل جانب ، فضلاً عن فقدان ضروريات الحياة والبقاء كالماء والمأوى ، قال تعالى على لسان نبي الله إبراهيم عليه السلام:

{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}([1]).

فهذه الآية المباركة تكشف جانباً من الحكمة في إخراج إبراهيم الخليل عليه السلام لعياله على قلة عددهم فيما لو قيسوا مع عيال الإمام الحسين عليه السلام فشتّان بين أن يكون المعصوم عليه السلام مأموراً من الله تعالى بحمل امرأة واحدة وولد واحد كإبراهيم الخليل الذي خرج بزوجته هاجر وولدها الرضيع نبي الله إسماعيل عليهم السلام، وإخراجهم من بيت المقدس إلى أرض مكة عند بيت الله الحرام، وبين إخراج الإمام الحسين عليه السلام لعشر من أخواته وخمس من بناته وأزواجه الثلاث فهؤلاء ثماني عشرة امرأة بين طفلة في الرابعة من عمرها وبين عقيلة في السادسة والخمسين ، وما بينهما نساء متفاوتات في العمر والفضل والحرمة ، ففضل وحرمة عقيلة الهاشمين زينب عليها السلام لا تقاس بها حرمة في زمانها ؛ فضلاً عن مجموعة من الإماء اللاتي خرجن مع عقائل النبوة وبنات الوحي، ومن لحق بهن من نساء أصحاب الإمام الحسين عليه السلام اللاتي توقفت معاناة السبي لديهن في الكوفة حينما جاءت كل قبيلة فأخرجت نساءها من بين قافلة الهاشميات.

وعليه:
تظهر الآية المباركة التي تتحدث عن إخراج إبراهيم الخليل لذريته وإيداعهم في أرض قاحلة جانباً من الحكمة في هذا الخروج الذي ورثه ولده الحسين بن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والذي تلازم معه في الدلالة والأثر مع الفارق في المصائب والخطوب والرزايا التي ألمت بابن إبراهيم الخليل ، أي الإمام الحسين وبين ولده إسماعيل عليهم السلام.

فعلى الرغم من توحد المصداق في فداء بيت الله الحرام بين نبي الله إسماعيل وحجة الله الإمام الحسين إلا أن المذبوح هو الحسين بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمفدى هو إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام لا عن تفاوت في الشأنية بين ولد الحبيب وولد الخليل ،  وإنما لعظم البلاء الذي لا يتحمله قلب إبراهيم ورقّ له قلب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الممدوح بالذكر الحكيم:
{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ}([2]).
وأما الأثر في هذا الخروج الإبراهيمي والحسيني فهو إقامة الصلاة.
>رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ <([3]).
وحينما كانت الغاية إقامة الصلاة بدلالتها البنائية لا الأدائية كانت الهواية القلبية مقرونة بالذرية وهم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ولعل المسلم اللبيب لا يحتاج إلى دليل أو بيان لمعرفة الشخص الذي تهوي إليه الأفئدة أهو إسماعيل بن هاجر أم الحسين بن فاطمة عليهم السلام؟!.
أم تراه لا يجد التشخيص بين رضيع إبراهيم المسقي بماء زمزم أم رضيع الحسين المسقي من دم الوريد ؟!! فهكذا كان الخروج لعيال الحسين وكذا كان الخروج لعيال إبراهيم فلمن تهوي الأفئدة لآل أبراهيم في مكة  أم لآل محمد صلى الله عليه وآله في الطفوف؟!. يتبع [4].

الهوامش:
([1]) سورة إبراهيم، الآية: 37.
([2]) سورة النجم، ألآية: 11.
([3]) سورة إبراهيم، الآية: 37.
[4] لمزيد من الاطلاع ينظر : سبايا آل محمد صلى الله عليه وآله ، للسيد نبيل الحسني : ص156 – 159 ، اصدار العتبة الحسينية المقدسة ، ط مؤسسة الاعلمي.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2479 Seconds