تحديد العامل المشترك لهلاك الأمم والناس في كلام الإمام علي (عليه السلام)

مقالات وبحوث

تحديد العامل المشترك لهلاك الأمم والناس في كلام الإمام علي (عليه السلام)

771 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 02-11-2023

بقلم: السيد نبيل الحسني.
إنّ مما يميز نظرة أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) إلى السنن التاريخية للأمم السابقة واللاحقة ، هو: تحديده للعامل المشترك في هلاكها سواء كان ذلك في الناس أو في الحضارة والإعمار والبناء أو الزرع وغيرها ، وذلك عبر الرضا بالمنكر وترك النهي عنه ، والسكوت على انتهاك شريعة الله وهتك الحرمات وسفك الدماء وتفشي الظلم والجور .

فيقول عليه السلام:
«أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا يَجْمَعُ النَّاسَ الرِّضَا وَالسُّخْطُ، وَإِنَّمَا عَقَرَ نَاقَةَ ثَمُودَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَعَمَّهُمُ اللَّهُ بِالْعَذَابِ، لَمَّا عَمُّوهُ بِالرِّضَا»([1]).
«وَإِنَّ عِنْدَكُمُ الأَمْثَالَ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَقَوَارِعِهِ، وَأَيَّامِهِ وَوَقَائِعِهِ، فَلاَ تَسْتَبْطِئُوا وَعِيدَهُ جَهْلاً بِأَخْذِهِ وَتَهَاوُناً بِبَطْشِهِ وَيَأْساً مِنْ بَأْسِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلاَّ لِتَرْكِهِمُ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَلَعَنَ اللَّهُ السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي، وَالْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ التَّنَاهِي»([2]).

والسمة الأبرز في هذا العامل المشترك بين السنن التاريخية هي سنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي بها يكون حفظ المجتمعات من التفكك والانهيار وضياع النّعم والخيارات، وفقدان الأمن وما يتلوه من انعدام الأمان والسلام، وانتشار الفوضى وعموم الفساد.
ولذا نجده عليه السلام قد رّكز على أثر هذه السّنة التي تعد السمّة البارزة في ظهور طاعة الله وعصيانه؛ ولذلك اتبعها (عليه السلام) بلعنه للسفهاء الذين يركبون المعاصي، والحلماء لتركهم التناهي.
وفي قول آخرُ يظهر فيه أهمية هذه السّنة التاريخية وما تؤول إليه الأمم في تركها، أو العمل بعكسها فيقول عليه السلام:
«ظَهَرَ الْفَسَادُ فَلاَ مُنْكِرٌ مُغَيِّرٌ وَلاَ زَاجِرٌ مُزْدَجِرٌ  ، أَفَبِهَذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا اللَّهَ فِي دَارِ قُدْسِهِ ، وَتَكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِيَائِهِ عِنْدَهُ ؟ هَيْهَاتَ !! لاَ يُخْدَعُ اللَّهُ عَنْ جَنَّتِهِ، وَلاَ تُنَالُ مَرْضَاتُهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ».

«لَعَنَ اللَّهُ الآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ التَّارِكِينَ لَهُ ، وَالنَّاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ الْعَامِلِينَ بِهِ»([3]). [4]

الهوامش:
([1]) مستدرك الوسائل للميرزا النوري: ج 12، ص 194.
([2]) نهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين عليه السلام: الخطبة القاصعة، ج 2، ص 156. بحار الأنوار للعلامة المجلسي رحمه الله: ج 34، ص 223.
([3]) نهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين عليه السلام: من كلام له خاطب به أباذر، ج 2، ص 12، ح 129. وسائل الشيعة (آل البيت) للحر العاملي رحمه الله: ج 16، ص 151، ح (21216)9.
[4] لمزيد من الاطلاع ، ينظر: حركة التاريخ وسُنَنه عند علي وفاطمة (عليهما السلام) ، السيد نبيل الحسني : ص62 – 63 اصدار العتبة الحسينية المقدسة ، ط1 مؤسسة الأعلمي ـ  بيروت /1430هـ ــ 2009م

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2817 Seconds