بقلم: الدكتور محمد سعدون عبيد العكيلي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
روى الكوفي[1] وقال: (... عن شتير بن شكل عن علي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الأحزاب: (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا) ثم صلاها بين العشائين بين المغرب والعشاء).
ويتفق الصنعاني[2] معه فيروي ويقول: (... عن الأعمش عن علي قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) يوم الأحزاب: ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس، ولم يكن يومئذ صلى الظهر والعصر حتى غابت الشمس).
وهنا يختلف العلامة الحلي[3] حيث يذكر الصلاة الوسطى هي صلاة المغرب فيروي ويقول: (لأن عليا (عليه السلام) قال: (لما كان يوم الأحزاب صلينا العصر بين المغرب والعشاء، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قلوبهم وأجوافهم نارا) وقال قبيصة بن ذويب: إنها المغرب، لأنها أوسط أعداد الصلوات، ووقتها ضيق فنهي عن تأخيرها).
ويبدو أنهم صلوا العصر بنية القضاء لمرور وقتها وتعدّيه.
ويأتي المجلسي[4] برواية طويلة تختلف عما سبق من آراء وتفاسير حول الصلاة الوسطى فيقول: (كونها الظهر هو المروي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) وعن بعض أئمة الزيدية أنها الجمعة في يومها، والظهر في غيرها. كما سيأتي في بعض أخبارنا. وقال السيد المرتضى - رهـ - هي صلاة العصر، وتبعه جماعة من أصحابنا وبه قال أبو هريرة وأبو أيوب وأبو سعيد عبيدة السلماني، والحسن والضحاك وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد، ونقله الجمهور عن علي (عليه السلام) قالوا: لأنها بين صلاتي ليل وصلاتي نهار، والمخالفون بما رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملا الله بيوتهم وقبورهم نارا، و عن صفية أنها قالت لمن كتب لها المصحف: إذا بلغت هذه فلا تكتبها حتى أملِها عليك كما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأ فأملت عليه (والصلاة الوسطى صلاة العصر) وبأنها تقع في حال اشتغال الناس بمعاشهم، فيكون الاشتغال بها أشق. وقال بعض المخالفين: هي المغرب لأنها تأتي بين بياض النهار وسواد الليل ولأنها متوسطة في العدد بين الرباعية والثنائية، ولأنها لا تتغير في السفر والحضر مع زيادتها على الركعتين، فيناسب التأكيد، ولأن الظهر هي الأولى إذ قد وجبت أولا فتكون المغرب هي الوسطى).
وهنا يتضح لنا أَنَ الكوفي قد روى الرواية بتجرد ظاهر وهو عدم ذكره لتفاصيل إضافية في النص ولا عمل على توضيح ماذا ينص القول داخل النص كما فعل غيره من الرواة والمحدثين إزاء هذه الحادثة، هذا جانب أما من جانب آخر يظهر لنا كم عانى الرسول (صلى الله عليه وآله) من معالجة جيش الأحزاب وأيضاً الوقت الذي شغلته تلك المعركة وشراسة العدو التي جعلت من المسلمين يتركون الفرض الواجب وهو الصلاة في وقتها وتأديتها في وقت آخر وأكيداً بنية القضاء، وأي قضاء أوضح من اصطفاف المشركين مع حلفائهم اليهود وبعض من قبائل العرب ضدهم)([5]).
الهوامش:
[1] المصنف، ج2، ص387.
[2] المصنف، ج1، ص576؛ أحمد بن حنبل، مسند أحمد، ج1، ص113؛ ابن خزيمة، أبو بكر محمد بن إسحاق السلمي (ت 311 هـ)، صحيح ابن خزيمة، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، ط2، المكتب الإسلامي، (د- م)، (1412هـ - 1992م)، ج2، ص289.
[3] الحسن بن يوسف بن المطهر (ت 726هـ)، تذكرة الفقهاء، تحقيق: مؤسسة آل البيت (عليه السلام) لإحياء التراث، ط1، مؤسسة آل البيت (عليه السلام) لإحياء التراث، (قم - 1414م)، ج2، ص388.
[4] بحار الأنوار، ج79، ص279؛ التستري، محمد تقي (ت: 1416 هـ)، النجعة في شرح اللمعة، ط1، مكتبة الصدوق، (طهران - 1406 هـ)، ج2، ص8.
([5]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخبار الإمام علي بن ابي طالب في كتاب المصنف لابن ابي شيبة الكوفي: تأليف محمد سعدون عبيد العكيلي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 168-140.