مباحث أخلاقية وتنموية في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر. الحلقة (30): دلالة النهي عن الوهن في الأمور بعد وضوحها واثاره في اتخاذ القرار والتنمية الذاتية.

مقالات وبحوث

مباحث أخلاقية وتنموية في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر. الحلقة (30): دلالة النهي عن الوهن في الأمور بعد وضوحها واثاره في اتخاذ القرار والتنمية الذاتية.

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 21-08-2025

بقلم: السيد نبيل الحسني الكربلائي.

تناولنا في الحلقة السابقة دلالة النّهي عن العجلة في الأمور قبل أوانها وبيان اثاره على الإنسان ولاسيما في اتخاذ القرار، وسنتناول في هذه الحلقة دلالة النهي عن الوهن في الأمور بعد وضوحها، وهو جزء من النّواهي التي وردت في العهد الشريف لمالك الأشتر في سلسلة التنمية الذاتية، فيقول (عليه السلام) له:
«وإِيَّاكَ والْعَجَلَةَ بِالأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا، أَوِ التَّسَقُّطَ فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا، أَوِ اللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ، أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ، فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَه وأَوْقِعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَه».
وفي النهي الأخير من نواهي ضبط الأمور والتحكم بها، يقول (عليه السلام):
«أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ».
والوَهْن: الضَّعف في العمل والأَمر[1]، والمعنى الذي يراد من الحديث:
أن أمير المؤمنين (عليه السلام) يحذّر من الضعف في السعي واتمام أي أمر من الأمور بعد أن يتضح للإنسان ويتثبت من معالمه، وذلك حرصا منه على أحرازه، أو تفويت الفرصة في إنجازه، فيكون بذلك سببا في ضياعه وخسارته.

والمعنى العام للحديث في نواهيه الأربعة: أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) يحدد أربعة آليات للتعامل مع الأمور، وذلك تبعاً لمراحل أنجازها، وهي:
1ـ الانتظار حتى تنضج.
2ـ التنفيذ بعد المكنة.
3ـ الترك عند الإعراض.
4 ـ الهمة في الإنجاز بعد الوضوح.
ففي هذه الآليات والمراحل يتم ضبط الأمور وجني ثمارها وتجنب فواتها أو ضياعها أو وقوع أضرارها عند ترك النواهي التي حددها النص الشريف، فيقدم بذاك برنامجا متكاملا في تطوير الذات دون الإسهاب في البيان أو الإكثار من الزواجر والنواهي وذلك لما يترتب عليها من أثار نفسية تؤدي إلى نفور المتلقي أو المتعلم.
ومن ثمّ: نجده (عليه الصلاة والسلام) يضع الضابطة في التعامل مع الأمور، واتخاذ القرار ولاسيما الأفراد الذين في مواقع القيادة والإدارة، فيقول:
«فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَه وأَوْقِعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَه».
وبذلك نكون قد أنهينا هذه السلسلة والحمد لله رب العالمين[2].

الهوامش
[1] لسان العرب، ابن منظور: ج13 ص45
[2] لمزيد من الاطلاع ، ينظر : فقه صناعة الإنسان ، الأوامر والنواهي في عهد الإمام علي(عليه السلام) لمالك الاشتر (رحمه الله)، دراسة في ضوء أصول الفقه والأخلاق ، السيد نبيل الحسني، ص260- 261/ مع بعض الإضافة، إصدار: مؤسسة علوم نهج البلاغة - العتبة الحسينية المقدسة ، ط 1 -  دار الوارث كربلاء المقدسة 2023م

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.0939 Seconds