من أخلاق الإمام علي (عليه السلام)  قوله: أزهد في الدنيا يُبَصّرك الله عوراتها ولا تغفل فلست بمغفول عنك

سلسلة قصار الحكم

من أخلاق الإمام علي (عليه السلام) قوله: أزهد في الدنيا يُبَصّرك الله عوراتها ولا تغفل فلست بمغفول عنك

6K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 22-11-2020

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
وبعد:
قال عليه السلام: ((أزهد في الدنيا يُبَصّرك الله عوراتها ولا تغفل فلست بمغفول عنك)).
الدعوة إلى الحذر وأخذ الاحتياطات اللازمة لخطر يحدق بالإنسان -مهما كان- فينبغي التيقظ والعمل دائماً على مدافعته لئلا يأخذ فرصته في التمكن من الإنسان والاستيلاء عليه... وذلك هو الاغترار بالدنيا والوثوق بوعودها وزخرفها وما تزيّنه من ملاذ وبهارج تخطف الأبصار بل القلوب أيضاً، ولا يقتصر ذلك على مجال أو وسيلة بل يغتّر كلٌ بحسب توجهه فلا ينجو إلا من اعتصم بالله فعصمه وحماه منها لأنها مزلقة تؤدي إلى الهاوية، ولا يعلم لها منتهى أو غاية فالمدى بعيد، وقد يندم الإنسان حيث لا ينفعه فيتركه الشيطان عندما لا ينفعه تركه، فهو لم يتركه في الوقت الذي مكنه التدارك، ولم يخلّصه كما كان يغريه في الدنيا...
ولذا يشعر الإنسان بالندم والذلة والانكسار والفشل خصصاً إذا رأى من اعتصم بالله فعصمه ويرى نجاته فيعضّ أصبعه من الندم وما هو بنافعه، لأن الآخرة دار جزاء ولا عمل، والدنيا دار عمل ولا جزاء.

والمتأمل في دعوته عليه السلام هذه يجده يدلّه على أمرٍ خفي وهو أن الزاهد في الدنيا والتارك لها والمعرض عنها والمتجافي منها ومعلن الحرب ضدها ([1])، يجد عورات وعيوباً ومفاسد ومساوئ ومخازي، مما لم يكن يتوقع فيحمد الله تعالى أن نجّاه وأبعده عن ذلك كله وما ذلك إلا بمتابعة النظام الصحيح للحياة الفضلى التي أرادها الإسلام للمسلمين، ولأنه عرف أنه مراقب مرصود لا يُغفل عنه فلا يمكن التستر لأن المراقِب مطّلع على السرائر ([2]).

الهوامش:
[1] بما أنها مجرد لذات ومتابعة الهوى وإلا فيمكن للعامل أن ينعم ويستفيد فيها لنفسه ولآخرته بلا تقديم خسائر تذكر وذلك لأنه اتبع برنامجا أعدّه له الله ورسوله والذين آمنوا، فنجى وجاوز الأزمة بسلام. وقد نقل المفسر الرازي عن سعيد بن جبير أنه قال: (الدنيا متاع الغرور إذا ألهتك عن طلب الآخرة، فأما إذا دعتك إلى طلب رضوان وطلب الآخرة فنعم الوسيلة). يلاحظ التفسير الكبير للفخر الرازي ج29/ ص234، ونقلها عنه في تفسير الكاشف، ج7/ ص252.
([2]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي (عليه السلام)، لمحمد صادق السيد محمد رضا الخرسان: ج1/ ص73-74.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3152 Seconds