شرح حكم الإمام علي عليه السلام الحكمة (21) قال عليه السلام: مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لـَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ

سلسلة قصار الحكم

شرح حكم الإمام علي عليه السلام الحكمة (21) قال عليه السلام: مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لـَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 09-12-2023

بقلم: د. قاسم خلف السكيني.

الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.

وبعد:
قال عليه السلام: مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لـَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ[1]
النسب والنسبة: إشتراك من جهة أحد الأبوين[2] فالنسب هو السلالة والأصل[3].

والحسب ما يعده الإنسان من المفاخر، قال ابن السكيت: الحسب من الكرم يكون في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف[4]. وقد ورد في النهج ما يؤيد هذا المعنى، قال الإمام عليه السلام: (... ولا حسب كالتواضع، ...)، وقال:(ولا حسب كحسن الخلق). فالحسب من الصفات المكتسبة لا الأصل والوراثة.. ووردت في (نهج السعادة) رواية تشير إلى أن الحسب هو الأصل والوراثة: قال الإمام جعفر الصادق (هـ) (عليه السلام): (إن قوما من قريش قلت مداراتهم للناس فنفوا من قريش، وايم الله، ما كان بأحسابهم بأس. وإن قوما من غيرهم حسنت مداراتهم فالحقوا بالبيت الرفيع.)[5] والمعنى المستفاد من هذه الحكمة، أن من لم يرتفع قدره بعمله، لا ينفعه شرف آبائه ومنزلتهم. وفي نظر بعض العرفاء: (في هذا الكلام حث وحض وتحريض على العبادة) كما بين ذلك صاحب الحدائق.

ولكننا إذا سلمنا برواية: (... لم يسرع به حسبه) الواردة في المنهاج وأعلام النهج، نجد أن الدلالة لا تستقيم بصورة دقيقة مع المقصود من هذه الحكمة، لأن الحسب كما قدمنا، ما يعده الإنسان من المفاخر. وإن رواية الترجمة: (من ابطأ به عمله لم يسرع به) غير مناسبة للدلالة. إذ يفهم منها أن بطء العمل يعني بطء سير صاحبه. في حين أن الإمام يريد ربط العلاقة بين العمل والنسب والأصل، ليبرز قصور النسب في حال قصور العمل فالأفضلية للعمل. وفي الشروح الحديثة رويت الحكمة بأوجه متعددة: فقد رويت (من أبطا به حسبه لم يسرع به نسبه)، و (من ابطأ به نسبه لم يسرع به حسبه)[6]، وفي هذا، تداخل في الدلالة.)[7].

الهوامش:
[1] وردت في المنهاج 3/266 بلفظ: (… لم يسرع به حسبه)، وكذلك في أعلام النهج ص 292، وفي الترجمة 2/454: (مَن أبطأ به عملُهُ لم يُسرِعْ به). ورويت بلفظ المتن في: العيون ص 454، والحدائق 2/607، وشرح الغرر 5/ 236 والترجمة 2/424، وشرح ابن أبي الحديد 18/134، وشرح البحراني 5/249، والمصباح ص541.
[2] المصباح: ص 605.
[3] مستدرك نهج البلاغة: ص119.
[4] نهج السعادة: 6/ 367.
[5] مصادر نهج البلاغة الحسيني 4/282.
[6] في ظلال نهج البلاغة محمد جواد مغنية 2/292.
[7] لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص46-47.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2789 Seconds