بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد
أعطى الإمام عليه السلام صفات الإنسان المثالي الذي يمكنه إقامة حكم الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويسيطر على ذلك الأمر الخطير سيطرة متكاملة بما يحجم المنكر بأشكاله وصوره كافة ويجعله محدود الانتشار وهذا الإنسان المثالي لابد من أن يكون:
أولاً: غير محابٍ ولا مجامل ولا مدارٍ ولا مداهن ولا متنازل على حساب مبدأه ودينه وما يأمره به من الاستقامة.
وثانياً: غير خائف من العواقب وغير خاضع لأحد حتى تبقى هيمنته في القلوب والخوف منه في النفوس ولا يخشى سطوة أحد أو سلطان متغلب بل يحيا وكأنه لوحده لا يرى سوى الله تعالى ليكون أقدر وأقوى إرادة وعزيمة على تنفيذ الكم الألهي في حق أي كان.
وثالثاً: أن يكون نزيهاً بعيداً عن الإغراءات المادية والميول نحو شيء لأنه لو كان غير ذلك فمعناه سهولة التغلب عليه ولو من خلال رغبة مؤقتة كما هو شأن قضاة وحكم المتنفذين والمتغلبين كأنهم يدارون مناصبهم ومراتبهم ومرتباتهم الجارية من الأموال أو النفوذ وما إلى ذلك مما يسيل له لعابه فيعرض عن دينه ويتوجه بكامله نحو مطامعه.
فالدعوة إلى الاستقامة والاعتدال وعدم الانحناء أو الخضوع أمام المغريات؛ لأن ذلك يفسد القضية ويحكم عليها بالفشل والخسران ولا يمكن إقامة العدل على وجه الأرض. فالحاكم إنما يستمد القوة والجرأة وإمكانية مواجهة المنحرف، بما يمتلكه في داخله من إيمان وعقيدة وتصميم على التنفيذ لأدق التفاصيل وعدم التخاذل أو الانخذال النفسي أمام السطوة والقوة وما إلى ذلك مما يتبع مع أمثاله.
ويمكن استيحاء الشمولية في الأفراد المنطبق عليه وصف المقيم لأمر الله تعالى فلا يقتصر فيه على ال حاكم والقاضي والمنفذ ورجل الدين والشريعة وما إلى ذلك بل يشمل رب العائلة ومعلم التلاميذ ومربي الأجيال وكل من يمكنه إيصال صوت الحق إلى أفراد معينين فإنه يجب أن يتحلى بقوة الشخصية وعدم الخنوع لأحد وعدم الخضوع أمام المغريات ليتمكن من قول الحق وتطبيقه من دونما تأثير أو غلبة)([1]).
الهوامش:
([1]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ط8، ص 308-309.