بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد
إنّ من الأمور التي تتغلب – أحياناً – عند الإنسان حبّه لذاته بشكل يؤثر على غيره ومن ذلك أنه لو توفق لأن يساعد أخاه الإنسان في انجاز أمرٍ مهم، وتتميم عمل ناقص، وإزاحة مشكلة عالقة، فإنه يستعمل أدوات (الأنا) التي تتضخم لديه في مثل هذه المواقف فيبدأ بالتحدث عما أنجزه مع أنه قد يضر غيره بذلك، كما أنه يذكره مستعظماً له متبهراً منه، وفي حالات عديدة يكون بطيئاً في إنجازه للعمل؛ إذ أنه لم يعان من وطأة الحاجة إلى التسريع والتعجيل. وهذه أمور تحول دون قضاء الحوائج لما في كل أمر منها من الحساسية بالنسبة للآخرين لما يستلزمه من المنة أو التباهي أو التباطؤ.
وهذا مما يتفق حدوثة أكثر من مرة، مع شخص واحد، ومن شخص واحد، وفي حالة واحدة مما يسبب الاستياء والتذمر من قبل الآخرين، أو الانكسار من بعضهم لما يجره من تشهير بحاجتهم واحتياجهم، أو الشعور بالفخر والتعالي والإعجاب بالنفس مما يساعد على الغرور الذي هو من الآفات الأخلاقية التي تضيع على الإنسان فرص خيرٍ كثيرة وأعمالاً جليلة.
فلذا بادر عليه السلام يدعونا إلى ضرورة الابتعاد عن تضخيم الأمور واعتبار ما أنجز وما قضي أمراً عظيماً بل يجب ان يعتبر كشيء اعتيادي لم يتسم بطابع سوى انه طبيعي وعندها سيكون له أثره التام في النفوس فيعظم لوحده، مضافاً إلى ضرورة عدم إشاعة ذلك ونشره بل التستر عند العمل حفاظاً على مشاعر الغير لئلا يشعر بالضعف والحاجة وعندها سينتشر من حيث لا يعلم فيكون مادة دعاية ومصدر احترام فهو قد حفظ الغير فحفظه الله تعالى، إذ أنه تعالى متكفل بحفظ حرمات المؤمنين جميعاً ولذلك عدة صورة ومظاهر بما يجعلهم في مأمن من التشهير وتعريف الغير بوضعهم المتدني ومن يكون محافظاً كذلك على حرماتهم يجزيه تعالى بأن يجعل له ذكراً حسناً بين الناي بما يغنيه عن مصدر دعايته الخاص.
مضافاً إلى ضرورة ال تعجيل والإسراع لأن صاحب الحاجة يكون في أمس الأوقات إلى إنجازها من أي وقت فلابد من مراعاة مشاعره و حساب مصلحته الشخصية وإتمام جميل المساعدة بالصورة التي تمكنه من الوصول إلى هدفه بالوقت المطلوب، لا محاولة المماطلة والتماهل والتباطؤ بل على الإنسان الذي توفق لإنجاز الأمر أن يحسب الأمر كما أنه له فمن المؤكد أنه يرغب عندئذ بإنجازه بأسرع وقت، فعليه أن يكون شعوره مقارباً إن لم يكن كذلك – واقعاً – عندما ينجز الأمر لغيره. إذن فالدعوة إلى:
أن تسود روح الأخوة.
ونبذ مظاهر المنة والتباهي وكل ما من شأنه التشهير بالآخرين بما يحرجهم اجتماعياً.
وانتظار الجزاء الأوفى من الله تعالى.
وأن لا تستغل فرصة للظهور والمعرفة الاجتماعية وأن في ذلك مجالاً لحسابات معينة، لئلا يضر بالثواب المعد لأمثال العمل ([1]).
الهوامش:
([1]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ط8، ج1، ص 301-303.