خير البرية طفلاً وكهلاً

مقالات وبحوث

خير البرية طفلاً وكهلاً

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 14-11-2019

الحمد للّه ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمّد وعلى أهل بيته الطاهرين . . .
وبعد . . .
قد شهد الله والملائكة والرسل أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، خير البرية طفلاً وكهلاً، وأجود أهل الأرض والسماء، فقبل أن يبعث الله (عز وجل) نبيه وخاتم رسله أمر أنبيائه ورسله أن يبلغوا عنه ويبشروا به، بوصفه سيد الكائنات، وخاتم المرسلين، وحبيب إله العالمين، من الأولين والآخرين، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه واصفاً فيها نبي الرحمة: (حَتَّى بَعَثَ اللَّه مُحَمَّداً (صلى الله عليه وآله)، شَهِيداً وبَشِيراً ونَذِيراً، خَيْرَ الْبَرِيَّةِ طِفْلًا، وأَنْجَبَهَا كَهْلًا، وأَطْهَرَ الْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً، وأَجْوَدَ الْمُسْتَمْطَرِينَ دِيمَةً).
وفي موضوع كراماته يروي ابن شهراشوب أنَّ  أبا طالب قال: (لقد كنت كثيرًا ما أسمع منه إذا ذهب من الليل كلامًا يعجبني، وكنَّا لا نسمِّي على الطعام ولا على الشراب حتَّى سمعته يقول: بسم الله الأحد، ثم يأكل فإذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله كثيراً، فتعجبت منه وكنت ربما أتيت غفلةً فأرى من لدن رأسه نورًا ممدودًا قد بلغ السماء، ثم لم أر منه كذبة قط، ولا جاهليَّة قط، ولا رأيته بضحك في غير موضع الضحك، ولا مع الصبيان في لعب، ولا التفت إليهم، وكانت الوحدة أحب إليه والتواضع)[1].
أمَّا في كهولته فكان (صلوات الله وسلامه عليه) يلقب بالصادق الأمين بشهادة قريش، فمن بين الأكرمين والطيبين والشهداء والصديقين من آل هاشم اختاره الله؛ ليكون سيد الخلائق أجمعين، وكل ذلك لكرمه وطيب خصاله وما حوت نفسه الزكية من مكارم وفضائل، فالنبي فاق الصديقين والطاهرين من الخلق، ولذا صار سيدهم في الدنيا والآخرة.
وقيل في وصفه (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله) أنَّه: (لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يغفر ويصفح، ويبدأ من لقيه بالسلام، ومن رامه بحاجةٍ صابره حتَّى يكون هو المنصرف، وما أخذ أحد يده فيرسل يده حتى يرسلها، وإذا لقى مسلمًا بدأه بالمصافحة، وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله، وكان لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته وأقبل عليه وقال: ألك حاجة؟ وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعًا، وكان يجلس حيث ينتهي به المجلس، وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة، وكان يكرم من يدخل عليه حتى ربما بسط ثوبه ويؤثر الداخل بالوسادة التي تحته، وكان في الرضا والغضب لا يقول إلا حقًا)[2].
ويكفي في بيان عظيم منزلته ومكانته عند الله مدحه سبحانه إيَّاه بقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، فذلك الخلق الذي نصَّ الباري عليه، والذي شهد به حتى أعدائه، نال بذلك أعلى المراتب حتى ساد العباد جميعاً خلقًا وخلقًا ومنطقًا.
وقد جمع الله سبحانه فيه خصال الأولين والآخرين من السادات الميامين، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (اخْتَارَه مِنْ شَجَرَةِ الأَنْبِيَاءِ، ومِشْكَاةِ الضِّيَاءِ وذُؤَابَةِ الْعَلْيَاءِ، وسُرَّةِ الْبَطْحَاءِ ومَصَابِيحِ الظُّلْمَةِ، ويَنَابِيعِ الْحِكْمَةِ)[3].
فمن تلك الشجرة التي حوت كرام الخلق اختاره الله أن يكون خاتمهم وسيدهم، تلك الشجرة التي علت أغصانها وثمارها حتَّى صارت لا تنالها الناس لعلوها وشرفها .
 قال حبيب الله الخوئي: (استعار (عليه السّلام) لفظة الشجرة لصنف الأنبياء باعتبار أنّ هذا الصنف له فروع وأثمار وأوراق كالشجرة، ففروعه أشخاص الأنبياء وآحادهم وأثماره العلوم والكمالات والكرامات التي لهم، وأوراقه المؤمنون والمخلصون من أممهم)[4].
وفي الختام نسأل الله بحق هذا المولود العظيم أن يعمَّ الأمن والأمان على شعبنا، وأن ينصر الله المظلومين ويخذل الظالمين بفضل محمد وآله الطاهرين ...
الهوامش:
[1] - مناقب آل ابي طالب: 1 / 35.
[2] - المصدر السابق: 1 / 127.
[3]  - نهج البلاغة، الخطبة: 108 / 156.
[4] - منهاج البراعة، حبيب الله الخوئي: 7 / 283.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2701 Seconds