السيد: نبيل الحسني الكربلائي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين وآله الطيبين الطاهرين...
أما بعد..
من الأحاديث ما أشارت وبألفاظ متعددة إلى اتخاذ أم المؤمنين أم سلمة (رضي الله عنها) لتربة أرض كربلاء في خمارها([1])؛ كي ترافقها في نومها ويقظتها وهذا يظهر ما لهذه التربة من شرافة علمت بها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ وإن لها عند الله شأناً عظيماً؛ فكان من أمرها أن حملتها معها.
وفي رواية أخرى أن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قد جعل هذه التربة وديعة عندها.
أولاً:
فعن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن أم سلمة، قالت: كان الحسن والحسين عليهما السَّلَام يلعبان بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيتي فنزل جبرائيل عليه السلام فقال:
يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعد فأومأ بيده إلى الحسين ـــ عليه السلام ـــ فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وضمه إلى صدره.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
وديعة عندك هذه التربة.
فشمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال:
ويح كرب وبلاء.
قالت: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن (مشهور)، أي: الحسين عليه السلام ــ قد قتل.
قال: فجعلتها أم سلمة في قارورة، ثم جعلت تنظر إليها كل يوم، وتقول: إن يوماً تتحولين دما ليوم عظيم([2]).
ولم يكتف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإخبار أم سلمة فقط. بل أخبر عائشة([3])؛ وزينب بنت جحش([4])؛ وأصحابه([5]).
بل المستفاد من الروايات:
أن الملائكة كانت تحدث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحديث كربلاء في مراتٍ عديدة.
وأن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لم يملك دمع عينيه وحبس لواعجه وأحزانه، فمرة تراه يحدث بحديث كربلاء دون أن ينتظر من يسأل عن هذه الدموع، ومرة يحبس الحديث فيكون دمع عينيه كأنما ينطق عن لسان فصيح.
والحمد لله ربّ العالمين...
الهوامش:
([1]) مسند أحمد بن حنبل: ج 3، ص 242؛ مسند أبي يعلى الموصلي: ج 6، ص133؛ صحيح ابن حبان: ج 15، ص 142؛ المعجم الكبير للطبراني: ج 3، ص106؛ المسانيد للأنصاري: ج 1، ص 243، موارد الظمآن للهيثمي: ج 7، ص199.
([2]) المعجم الكبير للطبراني: ج 3، ص 108، برقم 2817؛ الإكمال في أسماء الرجال للتبريزي: ص 45؛ تهذيب الكمال للمزّي: ج 6، ص 408؛ مجمع الزوائد للهيثمي: ج9، ص 204.
([3]) سير أعلام النبلاء للذهبي: ج 3، ص 289 ــ 290؛ سبل الهدى والرشاد للصالحي: ج 10، ص 153؛ الإكمال في أسماء الرجال للتبريزي: ص 45.
([4]) سبل الهدى والرشاد للصالحي: ج 10، ص 154.
([5]) ينابيع المودة للقندوزي: ج 3، ص 8؛ البداية والنهاية لابن كثير: ج 8، ص301. سبل الهدى للصالحي: ج 11، ص 75.