بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
قال أمير المؤمنين عليه السلام ((أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه)).
مما لا شك فيه أن عملية الترويض بمختلف أشكاله ومستوياته تثمر نتائج جيدة تنفع في مجالات عديدة، والدعوة من الإمام عليه السلام موجهة لممارسة هذه العملية مع النفس وهو أمر يجمع بين السهولة والصعوبة.
فمن منطلق القرب فالنفس أقرب شيء إلى بدن الإنسان لاحتوائه لها وإدراكه الأشياء عن طريقها فيسهل الترويض.
ومن منطلق التباين بين النفس الإنسانية والتعاليم السماوية تبدأ مرحلة الصعوبة لأن التعاليم تتضمن مجموعة من الأوامر والنواهي التي يصعب على الإنسان الاستجابة لها إلا بالترويض والتعويد تدريجياً لأن الفعل المستعجل تكون ردة فعله قوية جداً على مختلف التقادير، فالتدرج ومحاولة الاقتناع بالفائدة المرجوّة من العمل أمرٌ ضروري في هذه العملية، فإذا عرف الإنسان أن هذه التعاليم لمصلحته وتدور حول فائدته الدنيوية أو الأخروية، المادية، أو المعنوية، آمن بضرورة الامتثال، أو الانتهاء.
ومن الضروري إيجاد وسائل دعم وتشجيع للمواصلة فكان منها هذه الحكمة ليتحفز الإنسان في أداء العمل المطلوب ولو لم يتلاءم مع هواه، ما دام أنه الأفضل وكلنا يسعى نحو الأفضل، فلا بدّ من استيعاب هذه الحكمة جيّداً لئلا يقع الإنسان في مطبّات المخالفة والمعصية على أساس أن العمل المنهي عنه من الأمور الشخصية الطبيعية فلا حق لأحد في تحجيم هذه الحرية، أو أنّ العمل المأمور به مما لا يرغب به. لأن القضية غير متروكة للاختيار بعد الالتزام بموجب الميثاق الإسلامي. ولا بدّ من المخالفة للأهواء الباطلة التي تبتعد بصاحبها عن طريق الحق والصراط المستقيم. وأيضاً لا بد من تحمّل المتاعب الجسيمة انتظاراً لما أعّده الله تعالى في الدنيا والآخرة من الثواب الجزيل بمختلف أشكاله [1].
الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص94-95.