من الأمثال العربية في نهج البلاغة: قوله (عليه السلام) ((وَلَكِنْ لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاع))

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من الأمثال العربية في نهج البلاغة: قوله (عليه السلام) ((وَلَكِنْ لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاع))

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 09-06-2021

بقلم: الدكتور حسن طاهر ملحم/ الجامعة العربية

((الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من تبوأ من الفصاحة ذروتها وأصبح بذلك أفصح العرب أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين لا سيما الإمام علي عليه السلام أمير البيان..
وبعد:
استعمل الإمام علي عليه السلام المثل العربي في مواطن كثيرة قفت عليها في كتاب نهج البلاغة وهي على النحو الآتي:
قوله عليه السلام: ((وَلَكِنْ لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاع))[1]
جاء في كلام له في الحث على الجهاد وذم القاعدين أولها: أما بعدُ فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه وهو لباس التقوى...... إلى قوله: ولكن لا رأي لمن لا يطاع)[2].

وخطبة الإمام (عليه السلام) كانت نتيجة الغارات التي أنفذها معاوية على أصحاب الإمام علي (عليه السلام)، فقد دعا معاوية سفيان بن عوف الأزدي ثم الغامدي، فسرحه في ستة آلاف من أهل الشام ذوي بئس وأناءة وأمره أن يلزم جانب الفرات الغربي حتى يأتي هيت فيغِير على مسالح علي وأصحابه بها، وبنواحيها ثم يأتي الأنبار فيفعل بها مثل ذلك حتى ينتهي إلى المدائن، وحذره أن يقرب الكوفة وقال له: إن الغارة تنخب قلوبهم وتكسر حدهم وتقوي أنفس أوليائنا.. فشخص سفيان في الستة آلاف المضمومين إليه... وأتى الأنبار فأغار عليها فقاتله من بها من قبل علي فأتى على كثير منهم وأخذ أموال الناس وقتل أشرس بن حسان البكري عامل علي ثم انصرف، وأتى علياً علج فأخبره الخبر....[3].

وكان موقف أصحابه (عليه السلام) بعد هذا الكلام والاستنهاض قام إليه الناس من كل ناحية فقالوا: (سر بنا، فوالله لا يختلف عنك إلا ظنين)[4] وجاء في بعض حسان بن حسان البكري وابن حسان البكري هو أشرس بن حسان البكري صاحب مسلحة الإمام علي (عليه السلام) في الأنبار، فقتل مع ثلاثين من رجاله[5].
والمثل (لا رأي لمن لا يطاع) ذكره الميداني[6] من أقوال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في خطبته التي يعاتب فيها أصحابه، هذا ولأبي هلال العسكري[7] كلام آخر بخصوص هذا المثل بقوله:

أول من قال عتبة بن ربيعة[8] وتمثل به علي (عليه السلام) وذكر سبب قول عتبة حين أجمعت قريش المسير إلى بدر وهو مأخوذ من قول الشاعر [9]:

أمرتهم  أمري بمنعرج اللوى                  ولا أمر للمعصيَّ إلا مضيّعاً

وجاء المثل عند الإمام علي (عليه السلام) مسبوقاً بكلمة (لكن) المستخدمة للإستدراك فلو كان رأيه مطاعاً لما حدث ما لا يرغب به ولا قالت عنه قريش:

(إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب، لله أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراساً وأقدم فيها مقاماً مني، لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين... وجاء المثل عند الإمام مناسب لما بنى على الحادثة التي قيل فيها، وجاء المثل في باب المبالغة في عدم تحقيق الأهداف السامية عند تركهم لطاعته وهو نظير قولهم (لا رأي لمعصي)[10] وقد ذكر الدينوري في باب المبالغة بقوله[11]: قالها ثلاثاً[12].

الهوامش:
[1]- نهج البلاغة: خطبة (27).
[2]- الجاحظ: ابوعمرو عثمان (ت 255هـ)  البيان والتبيين، تح: عبد السلام هارون،  دار المعارف، مصر، 2/53؛ ابن قتيبة، عيون الأخبار، 2/236؛ المبرد: الكامل في اللغة والأدب، 1/49،  والمثل عند المبرد قالها (عليه السلام) ثلاثاً.
[3]- البلاذري: أنساب الأشراف ص442 ؛ الثقفي: الغارات 2/ 477 ؛  الدنيوري: الأخبار الطوال ص312
[4]- الدنيوري: الأخبار الطوال ص313.
[5]- اليعقوبي: تاريخ اليعقوبي 2/696،  الطبري:تاريخ الطبري 4/103.
[6]- مجمع الأمثال 3/203.
[7]- جمهرة الامثال2/408.
[8]- عتبة بن ربيعة: جد معاوية بن أبي سفيان.
[9]- لم أقف على اسم الشاعر.
[10]- الميداني: مجمع الأمثال 3/158
[11]- الأخبار الطوال ص313
[12]لمزيد من الاطلاع ينظر: الأمثال العربية ومدلولاتها التاريخية في كتاب نهج البلاغة، للدكتور حسن طاهر ملحم، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 101 –103.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.5665 Seconds