كاشفية خطاب الإمام علي عليه السلام عن عقائد العرب قبل الإسلام الحلقة الرابعة: اعتقادهم بأن الشياطين ملهمو الشعراء

مقالات وبحوث

كاشفية خطاب الإمام علي عليه السلام عن عقائد العرب قبل الإسلام الحلقة الرابعة: اعتقادهم بأن الشياطين ملهمو الشعراء

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 29-08-2022

بقلم السيد نبيل الحسني الكربلائي

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والصلاة والسلام على أبي القاسم محمد وعلى آله الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

أما بعد:
فإنّ مما كشفته النصوص هو وجود نوع آخر من العلاقة فيما بين الجن والإنس قبل الإسلام وأن العقيدة بالجن والشياطين متلازمة تلازماً وثيقاً بعبادة الأصنام، فما من صنم أو وثن إلا وله شيطان يقبع فيه وكانت الكهنة على تواصل معهم وهم الوسيلة الوحيدة فيما بين الناس والأصنام -كما سيمر بيانه-.
أما هذا النوع من الاعتقاد، أي: أن الشياطين ملهموا الشعراء فقد أشارت كثير من النصوص الشعرية إليه حتى (زعموا إنّ مع كل فحل من الشعراء شيطانا يقول ذلك على لسانه الشعر)[1]؛ (ومن كان شيطانه أمرد كان شعره أجود)[2].

فكانت هذه النصوص كالآتي:
1 - قال امرؤ القيس:
تـــخـيرني الــجـنُ أشعـارهــا                      فما شئت من شعرهن اصطفيت[3]

2 - قال الأعشى مشيرا إلى اشتراك الجنّ والإنس في نظم الشعر:
شريكان في ما بيننا من هوادة     صفيـــان إنســيّ وجنُّ موفق
يقـــول فلـــا أعيــا بقـــول يقوله    كفاني لا عمي ولا هو أخرق[4]

3 - وقال حسان بن ثابت:
إذا ما ترعرع منا الغلام                                         فما إن يقال له من هوه
إذا لم يسد قبل شدّ الإزار                                  فذلك فينا الذي لاهوه
ولي صاحب من بني الشيصبان                      فطورا أقول، وطورا هوه

والشيصبان الذي يتناوب القول ويساعد صاحبه حسان، إنما هو من عالم الجن والشيطان، وقد صار ها هنا واقعة[5].
ولعل المتتبع لدواوين الشعر ليجد الكثير من النصوص التي تدل على هذا الاعتقاد الكاشف عن هيمنة هذه العقيدة في المجتمع العربي قبل الإسلام وما يرتبط بها من عبادة الأصنام.
إلاّ أن أمير المؤمنين (عليه السلام) حينما سأل عن أشعر الشعراء لم يكشف عن تأثير الجن عليهم فيما تجود به قرائحهم على الرغم من شهرة هذا الأمر بينهم، ولعل مرَّد ذلك هو تقيد الجواب بما يخص أمر الأنصاف فيما بينهم وليس الكشف عن عقيدة الشعراء في الجن، فقال (عليه السلام):
«إِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَجْرُوا فِي حَلْبَةٍ، تُعْرَفُ الْغَايَةُ عِنْدَ قَصَبَتِهَا، فَإِنْ كَانَ ولَا بُدَّ فَالْمَلِكُ الضِّلِّيلُ». قال الشريف الرضي (عليه الرحمة والرضوان): يريد امرؤ القيس[6])[7]

الهوامش:
[1] المعتقدات الشعبية في الموروث الشعري: ص30.
[2] المصدر نفسه.
[3] ديوان امرئ القيس: ص322.
[4]  الأساطير والمعتقدات العربية: ص140.
[5] الأساطير والمعتقدات العربية: ص141.
[6] نهج البلاغة: ص556 بتحقيق صبحي الصالح.
[7] ينظر: أثر الميثولوجيا العالمية في تكوين عقائد العرب قبل الإسلام، السيد نبيل الحسني: ص102-104 أصدار العتبة الحسينية المقدسة – مؤسسة علوم نهج البلاغة/ ط1 دار الوارث- 2022م.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.7116 Seconds