من أخلاق الإمام علي عليه السلام: قوله عليه السلام (صاحب السلطان كراكب الأسد يغبط بموقعه وهو أعلم بموضعه)

سلسلة قصار الحكم

من أخلاق الإمام علي عليه السلام: قوله عليه السلام (صاحب السلطان كراكب الأسد يغبط بموقعه وهو أعلم بموضعه)

5K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 10-09-2022

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))

أما بعد:
الدعوة إلى الابتعاد عن مراكز النفوذ والسلطة، لحساسية الموقع وما قد تستجلبه على الإنسان من متاعب دنيوية أو أخروية، ولا يمكن لأحد الوثوق التام بولائه للسلطان لأنه يبعّد ويقرّب من تقتضي المصلحة والسياسة تقريبه وتبعيده وليس على ضوابط ثابته بل تتغير بأدنى حالة أو زلة، فإن المطلع على أسرار السلطان لا يأمن على حياته؛ لأنه لابد من السيطرة عليه لئلا يفشي شيئاً منها.
وكذلك يكون – المطلع على أسرار السلطان – مغبوطاً من الآخرين على أساس انه قريب من السلطان مما يعني تمكنه من تحقيق رغبات وأماني الآخرين ولكنه يعرف أشياء توقفه دون السعي وراء تحقيق أماني الغير وقد يداري – أحياناً – وضعه ومنصبه وبقاءه على تلك الحالة فلو مشى قدماً في طريق قضاء الحوائج أو الشفاعة للمظلومين أو ...أو... مما يتوقع من صاحب السلطان فسوف يجابه بالرد وتقليص الصلاحيات – إن وجدت – لئلا يتطور وضعه نحو الأحسن فيكسب من خلال منصبه أصدقاء ومعارف قد يهتفون باسمه في يوم ما وذا ما لا يروق للسلطان بطبيعة الحال.

فالحكمة تشير بوضوح إلى أن على العاقل أن لا يأمن من صحبة السلطان أو إقباله على أحد، وقد مثل لذلك بمن يتمكن من ركوب الأسد وهو الحيوان المفترس الذي يهاب شكله من البعد فضلا عن الاقتراب منه والركوب عليه وجعله مطية تمتطى، الذي يعني أقضى حالات السيطرة والتمكن إلا أنه – الراكب – يعرف حساسية موضعه وانه معرض في أية لحظة إلى أن ينفر به الأسد وينقض عليه، مفترسا له ولا ينفعه وقتئذ إذا خسر عمره غبطة الناس وتمنيهم الحصول على موقعه وما يحمله من دلالات واشارات.
ومن المعلوم أكيد أن صاحب السلطان إذا لم ينفذ أمراً، أو عارض حالة ما، أو أبدى خلاف ما يرغبه السلطان، أو أتهم بالمعارضة لأفكاره، أو وشى به أحد إلى السلطان أو...أو...فإنه يكون أقرب إلى الهلاك وأسرع إلى التشفي والانتقام منه.

مضافاً إلى أمر مهم جداً وهو أن السلطان معرض لنزول العذاب والبلاء بحكم ما يصدر منه من ظلم وغصب وانتهاك حرمات و ... و ... مما يحتم عليه موقعه لأجل التأديب وفرض السيطرة وإظهار القوة، ولكن لكل هذه التبريرات لا تكفي لدفع نزول العذاب عليه وعلى من حواليه والمنتسبين إليه ممن يشهدون الظلم والتعدي والانتهاك ولا يتعرضون أو يشفعون مما يعني الخذلان والخوف من التغير عليه أو العقوبة فيكون مستحقاً للعذاب لأنه لم ينتصر لله تعالى فيما أمر به أو نهى عنه مما يعني رضاءه بالواقع وما يجري من أحداث.
فاللازم الابتعاد عن موقع الخطر وموضع البلاء لئلا يزج الإنسان بنفسه في حالات غير مأمونة العاقبة شرعاً. ونحن مدعوون للمحافظة على الرابطة الشرعية وعدم التفلت منها وإلاّ لا نطبق عنوان العصيان مما ينذر بالخطر في يوم القيامة.
إذن صحبة السلطان قد تورط الإنسان في علاقته مع ربه  ومع الناس[1].

الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص 199-201.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2676 Seconds