بقلم: د. جليل منصور العريَّض – الجامعة الأولى/ تونس
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطاهرين.
وبعد:
تعتمد الحكومة في تسيير شؤون الدولة ومصالح الناس ـ كما يبدو في النهج ـ على جهاز اداري مكون من:[1]
1ـ الوزارة.
2ـ الجيش.
3ـ القضاة.
4ـ بيت المال.
5ـ العمال.
6ـ الدواوين.
7ـ الرقابة الإدارية.
1ـ الوزارة[2]:
يختلف مفهوم الوزارة عند علي عليه السلام عنه عند الماوردي، فالماوردي يجعل الوزير في مرتبة ثانية بعد الخلفية، ويضع للوزارة شروطاً تكاد تكون مقاربة لشروط انعقاد الإمامة فيما سوى النسب[3]. أما علي عليه السلام فيضع الوزير في مرتبة المستشار الذي لا تتعدى صلاحياته الاستشارة ويأتي في مرتبته دون الوالي، ويستدل على ذلك من قوله لمالك الأشتر «إن شر من كان للأشرار قبلك وزيراً»[4]، مما يعني ضمنيا تفويض علي عليه السلام للوالي أمر اختيار المستشارين والوزراء الذين يعول على آرائهم وحكمتهم، وقد وردت مفردة (وزير) ومشتقاتها ـ كمصطلح سياسي في النهج ـ ما يقارب من اثنتين وعشرين مرة وهي تدل في معظم سياقاتها على ان أهمية الوزير تأتي دون اهمية الوالي، ولا تتعدى صلاحياته وصلاحيات المستشار سوى النصح، وإبداء الرأي إذا طلب منه، من ذلك قوله للناس لما ارادوا مبايعته على الخلافة بعد مقتل عثمان «أنا لكم وزيراً خير لكم مني اميراً»[5] أي معاوناً ومستشاراً لكم، امدكم بالآراء التي تصلحكم في امور دينكم ودنياكم كما كنت في أيام الحكام السابقين، مع ملاحظة أن مصطلح (وزير) بمعنى النيابة العامة والمكانة المرموقة قد ورد في النهج في موضع واحد، على لسان الرسول صلى الله عليه وآله في شخص علي عليه السلام بقوله صلى الله عليه وآله «إنك تسمع، وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي، ولكنك لوزير»[6] في شركك إياي في المعاونة والقوة وتثبيت دعائم الدين. أما الشروط التي يجب أن تتوفر في المستشار أو الوزير كما حددها علي عليه السلام فهي:
1ـ أن لا يكون بخيلاً أو جبانا أو حريصاً لأن «البخل والجبن والحرص غرائز شتى بجمعها سوء الظن بالله»[7].
2ـ أن يكون ذا ماضٍ مشرف ونظيف ولم يشارك الأشرار في حكومات سابقة، حتى ولو كان مؤهلاً لذلك المنصب[8].
3ـ ان يكون شديداً في أمر الله لا ينافق في الحق ولا يعرف سواه طريقا[9].)[10].
الهوامش:
[1] سنشير إلى مصدر كل نقطة عند طرحها للمناقشة.
[2] رسائل 53، فقرة 10. والوزير لغة هو المساعد والمعين وفي التنزيل {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي}....طه/29» أي معينا ومساعداً.
[3] راجع الأحكام السلطانية ص 20، وطرحه لمفهوم الوزارة ذاك ـ مبني على ما تصوره ـ في العصور الإسلامية المتأخرة وخاصة الأعصر العباسي.
[4] رسائل 53، فقرة 10.
[5] خطب 91.
[6] خطب 240، فقرة 27.
[7] رسائل 53، فقرة 9.
[8] راجع السابق، فقرة 10.
[9] المصدر السابق نفسه.
[10] لمزيد من الاطلاع ينظر: فكر الإمام علي عليه السلام كما يبدو في نهج البلاغة: للدكتور خليل منصور العريّض، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 317-319.