بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
الدعوة إلى أن يتعرف الإنسان على خصائصه الذاتية الحميدة ليحجم نفسه بالحجم المناسب فلا يكون مجحفاً معها ولا متجاوزاً مبالغاً ومما يتعرف من خلاله:
علو الهمة وقوة العزم والتصميم على التنفيذ والانجاز بما يحقق نجاحاً له ومنفعة لغيره، فإذا كان الإنسان كذلك كان رفيع الشأن عالي الجانب محترماً لدى الآخرين موقراً بينهم محبوباً؛ لما وجدوه فيه من قوة وإرادة وهمة عالية تدلل على رجولته وكماله واتصافه بخير الصفات فيكون محلاً للثقة ومركزاً للاعتماد ومورداً للاهتمام ومحطاً للأنظار.
إذن فمن يريد تقدير الناس له واحترامهم واعتمادهم، عليه أن يتصف بالهمة العالية والإرادة الصلبة ليستطيع خلالها تحقيق ما يريد وتنفيذ ما يطمح إليه، أما لو تصورنا العكس لتفرق الناس من حوله ولقل اعتمادهم واحترامهم وتقديرهم له ولزالت ثقتهم أو تزعزت، فيهجر ولا يكون مؤثراً في الحياة فيكون حاله وكبقية المخلوقات مما لا تترك بصمات إيجابية نافعة على صفحات الحياة بما يخلد الذكر ويرفع الشأن.
الصدق ومطابقة القول للعمل وإنجاز الوعد وعدم التخلف عنه – مهما كان – فانه يدلل على اتصافه بالصفات الحميدة مما يعني كمال الرجولية والنخوة والقوة فمهما تكامل في هذا السبيل كانت نسبة صدقه أعلى من كذبه ومن تخلفه عن وعده والتزاماته.
الشجاعة، والإقدار وهيمنة روح الصمود، والصبر على المواجهة عند الحاجة، مما يدل على عزة النفس والشعور بالكرامة والأصالة فيتقدم في حالات المواجهة على أساس إبائه الضيم وترفعه من الداخل عن الذلة فلذا يستسهل الصعب من أجل ذلك ليعيش عزيزاً محترماً محفوظ الجانب.
فالأجدر بالإنسان أن يتكامل على خط الدفاع والقدرة على التغلب والوصول إلى النصر والظفر من دون ما شعور بالانخذال من الداخل ليتم له ما يريده من عيش كريم.
العفة والكف والابتعاد والتنزه عما لا يحل شرعاً أو لا يليق بالإنسان ولو عرفاً وعقلائياً، فان ذلك يدلل على ترفعه وحميته وانبعاثه في ذلك عن قناعة بعدم استحقاق الغير في مشاركته ولذا يغار ويتحمس للدفاع عما يكره المشاركة فيه.
فالمطلوب إذن ان يكون الإنسان متحسساً في مواقف معينة لتعرف عفته ونزاهته ولئلا يرمى بعدم الغيرة والتسافل الأخلاقي.
فهذه الخصائص: علو الهمة، الصدق، الشجاعة، العفة... لها اثرها البالغ في الكشف عن شخصية المتصف بها وإثبات جوهره ولو لم يكن معروفاً، مشهوراً، غنياً، ذا منصب، ذا قوة، ذا جاه... فإنها تصلح كمعرفات ومفصحات عما يتحلى به الفرد. فلا بد من المحافظة عليها لتتكامل الشخصية القوية التي أرادها الإسلام للفرد المؤمن[1].
الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص249-251.