بقلم: الدكتور سحر ناجي المشهدي
الحمد لله الأول قبل الإنشاء، والآخر بعد فناء الأشياء، أحمده استتمامًا لنعمته، واستعصاماً من معصيته، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على من اصطفى من الخلق أجمعين سيدنا ونبينا محمد وآل الطاهرين..
اما بعد:
ورد هذا اللفظ مجموعا على صيغة منتهى الجموع (فواعل) وهي صيغة قياسية في المفردات: زنة فاعلة اسما كان أو وصفا، اي (النوافل) ثلاث مرات في النَّهْج[1].
فالأنفال جمع نفل، وهي الغنيمة، والهبة، والزيادة، والنوافل جمع نافلة، وهي الزيادة أو العبادة غير الواجبة. وقد جاء مجرورًا بحرف الجر (الباء) في قوله (عليه السلام): «لاَ قُرْبَةَ بِالنَّوَافِل إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِضِ» [2]. ومسبوقا بحرف الجر (على) في قوله: «إِنَّ لِلْقُلُوبِ إقْبَالاً وَإِدْبَاراً، فَإِذَا أَقْبَلَتْ فَاحْمِلُوهَا عَلَى النَّوَافِلِ، وَإذَا أَدْبَرَتْ فَاقْتَصِرُوا بِهَا عَلَى الْفَرَائِضِ»[3].
فالنَفـَـل: الغَنْمُ، والجميع: الأنفال. ونفلتُ فلانا: أعطيته نَفْلا وغنما. والإمام (عليه السلام) ينقل الجند، إذا جعل لهم ما غنموا. والنافِلة: العَطَية يعطيها تَطُوعاً بعد الفريضة من صَدَقةٍ أو صلاح أو عملِ خير.
فـــ «النون والفاء واللام اصل صحيح يدل على عطاء وإعطاء منه النافلة: عطيًة الطًوع من حيث لا تَجِب، والنوفل: الرجل الكثير العطاء، ومن الباب النَّفل: الغَنم. والجمع أنفال، وذلك أنَّ الإمام (عليه السلام) ينقل المحاربين أي يعطيهم ما غنموه»[4].
قال تعالى ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾[5].
والنوافل: جمع نافلة وهي الغنيمة، والنافلة ما كان زيادة على الأصل، سميت الغنائم أنفالا؛ لأن المسلمين فضلوا بها على سائر الامم الذين لم تحل لهم الغنائم.، والنًفَل -بسكون الفاء وقد تحرك-الزيادة [6]، وجاءت على سورة كاملة من سور القرآن الكريم بهذا الاسم «الأنفال».
فالنافلة في اللغة الزيادة، وفي الشرع: العبادة التي ليست بفرض ولا واجب. إنَّ النًفَلَ هو الغنيمة بعينها؛ لكن اختلفت العبارة عنه لاختلاف الاعتبار، فإنَّه إذا أعتبر بكونه مظفورا به يُقـَـال له غَنـَيمَة، وإذا أعتبر بكونه منحةً من الله ابتداءً من غيرِ وجوبٍ يُقـَال له نَفـْل، ومنهم من فَـرَّقَ بينهما من حيث العُموم والخُصوص، فقال: الغنيمة ما حصل مُسْتَغْنَمَا بتعبٍ كان أو غير تعب، وباستحقاق كان أو غير استحقاقٍ[7].
وهذا يدلُّ على أنَّ مفردها نَافِلة وليست نَفـْـل. قال سيبويه: « ومما يجري مجرى فاعل من أسماء الفاعلين (فواعل) أجروها مجرى (فاعِلة) حيث كان جمعه، وكَسَّروه عليهِ» يريد أنَّ جمع (فاعلة) يعمل في المفعول كعمل(فاعلة) [8]، وجاء في قرارات مجمع اللغة العربية أنَّه» لا مانع من جمع فاعل -لمذكر عاقل- على فواعل، نحو باسل وبواسل، وذلك لما ورد من امثلته الكثيرة في فصيح الكلام»[9] وذهب د. مصطفى جواد قائلا: «وإن كان (فاعل) لغير الآدميين كُسِر على (فَوَاعِل) وإن كان لمذكرٍ أيضا، لأنّه لا يجوز فيه ما جاز في الآدميين من الواو والنون، فضارع المؤنث ولم يقوَ قوة الآدميين، وذلك قولك: جمال بوازل وجمال عواضة»[10].
وجمع د. أمين علي السيد ثمانية وثلاثين لفظة على (فواعل) مفرد (فاعل)، وأوصلها المرحوم الدكتور. هاشم طه شلاش الى اثنين واربعين لفظة.)([11]).
الهوامش:
[1] ظ: المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة: 1509.
[2] نهج البلاغة: الحكم القصار: 39، 360.
[3] الحكم القصار: 312، 400.
[4] مقاييس اللغة: 5 / 456.
[5] الأنفال / 1.
[6] ظ: لسان العرب (مادة نفل): 6 / 4510 وظ: المعجم الاقتصادي الإسلامي: 465.
[7] ظ: المفردات في غريب القران: 2 / 650 وظ: النهاية في غريب الحديث والأثر: 934.
[8] شرح أبيات سيبويه: السيرافي: 1 / 217.
[9] ظ: من قرارات مجمع اللغة العربية: 2.
[10] قل ولا تقل: 2 / 142.
([11])لمزيد من الاطلاع ينظر: المعجم الاقتصادي في نهج البلاغة، للدكتورة سحر ناجي المشهدي، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 199-200.