.png)
أثر نهج البلاغة في اللغة والادب
بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
وممَّا وردَ في مَرويَّات الإمام عليٍّ (عليه السَّلام) في لسان العرب من ألفاظٍ مشحونةٍ بالتَّعبيرِ العاطفيّ قولُ ابنِ منظور في بيانِ معنى(حَرِبَ): «وحَرَّبْتُ عليه غيرِي، أَي: أَغْضَبْتُه. وحَرَّبَه أَغْضَبَه... وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، (عَلَيْهِ السَّلامُ) أَنه كتَب إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، (رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا): لَمَّا رأَيتَ العَدُوَّ قَدْ حَرِبَ، أَيْ: غَضِبَ»([1]).
قالَ الجوهريّ في معنى(حَرِبَ): «وحَرِبَ الرَّجُل بالكسر: اشتدَّ غضبُهُ. ورجلٌ حَرِبٌ، وأسدٌ حَرِبٌ. والتَّحريبُ: التَّحريشُ. وحَرَّبْتُه، أيْ: أغْضبتُهُ»([2])، وقد يكون(التَّحرِيب) هو السَّلبُ، أو شدَّةُ الغضبِ ؛ لسلبِ شيءٍ ما، قالَ ابن فارس: «يُقَالُ: حَرَبْتُهُ مَالَهُ، وقَدْ حُرِبَ مَالَهُ، أَيْ: سُلِبَهُ، حَرَبًا... ويُقَالُ أَسَدٌ حَرِبٌ، أَيْ: مِنْ شِدَّةِ غَضَبِهِ كَأَنَّهُ حُرِبَ شَيْئًا، أَيْ: سُلِبَهُ»([3])، فيكون معنى(الحَرِب) المركزيّ هو السَّلب، لكنَّه عِلَّةٌ مُوجِدَةٌ للغضبِ، قالَ الزَّمخشريّ في هذا المعنى: «ومن المجازِ: حَرِبَ الرَّجُلُ حَرَبًا: غَضِبَ فهو حَرِب، وحرّبتُه أنا. وأسدٌ حَرِبٌ ومحرِبٌ، شبه بمن أصابَهُ الحَربُ في شدَّةِ غضبِهِ»([4]).
لمَّا كانت كلمةُ(حَرِبَ) تعني اشتدَّ غضبُهُ؛ فهي تَحملُ دلالتينِ: الغضب، والشِّدَّة، فيكون المعنى الَّذي أراده الإمام (عليه السَّلام): أنَّ العدوَّ اشتدَّ غضبُهُ؛ خوفًا من سَلْبِ ما كان تحتَ يدِهِ، فجاءَ التَّعبيرُ بهذه اللَّفظةِ الشَّديدةِ الانفعالِ.
جاءَ في شرحِ نهجِ البلاغةِ معنى(حَرِبَ) في قول الإمام (عليه السَّلام): «حَرِبَ كـ(فَرِحَ) اشتد َّغضبُهُ واستأسدَ في القِتالِ»([5]).[6]
الهوامش:
([1]) لسان العرب(حرب): 1/304.
([2]) الصحاح(حرب): 1/108.
([3]) المقاييس(حرب): 2/48.
([4]) أساس البلاغة: 1/178.
([5]) نهج البلاغة، تعليق: صبحي الصالح: 690.
([6]) لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 130-131.
