مستوى عبادة فاطمة  عليها السلام الحلقة الأولى: تأسيها بعبادة أبيها وبعلها (صلوات الله عليهم أجمعين).

مقالات وبحوث

مستوى عبادة فاطمة عليها السلام الحلقة الأولى: تأسيها بعبادة أبيها وبعلها (صلوات الله عليهم أجمعين).

77 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 04-12-2024

بقلم: السيد نبيل الحسني الكربلائي:

عرفت الزهراء عليها السلام بين الناس بالعبادة وكثرة الصلاة حتى قال في هذا التعبد الحسن البصري (ما كان في هذه الأمة أعبد من فاطمة كانت تقوم حتى تورمت قدماها)([1]).
وهذا المستوى من العبادة لله تعالى هو أحد من الصفات التي ترافق عترة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبها يعرفهم الناس وما ذاك إلا لالتزامهم بنهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ولا يخفى على أهل المعرفة أن الله تعالى قد عاتب رسوله المصطفى في محكم كتابه على كثرة عبادته وما كان يصنع بنفسه وهي خاصية لم يختص بها مخلوق قط؛ وذلك أن الغرض من خلق الله للجن وللإنس هو العبادة، لكن أن يعاتب الله أحد خلقه على عبادته فهذا محصور بخير خلقه محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ والروايات التي تكشف عن تهجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم واجتهاده في العبادة لكثيرة، منها:

1 . عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال:
(كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند عائشة، فقالت: يا رسول الله، لم تتعب نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر؟ فقال: «يا عائشة، ألا أكون عبداً شكورا؟».
وقال عليه السلام:
«كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقوم على أطراف أصابع رجليه، فأنزل الله سبحانه وتعالى:{ طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ}([2]))([3]).

2 ــ وعن عائشة: (إن نبي الله صلى الله عليه ــ وآله ــ وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟، قال:
«أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً»)([4]).

3 ــ قال الإمام الصادق عليه السلام:
«كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي من التطوع مثلي الفريضة»([5]).
وهذا الحال في العبادة بشتى صورها من الصلاة وقيام الليل وتلاوة القرآن ومداومة الذكر وفي ذلك كله نراه عند علي أمير المؤمنين وفاطمة والأئمة المعصومين من أبنائهما عليهم أفضل الصلاة والسلام.
ففي عبادة أمير المؤمنين عليه السلام وتهجده يروي لنا الشيخ الصدوق رحمه الله (عن ضرار بن ضمرة النهشلي حينما دخل على معاوية بن أبي سفيان، فقال له معاوية: صف لي علّياً؟
فقال: أو تعفيني؟
فقال: لا، بل صفه لي.
فقال له ضرار: رحم الله عليّاً، كان والله فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، ويقربنا إذا زرناه، لا يغلق له دوننا باب، ولا يحجبنا عنه حاجب، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا، لا نكلمه لهيبته، ولا نبتديه لعظمته، فإذا تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم.
فقال معاوية: زدني من صفته.
فقال ضرار: رحم الله عليا، كان والله طويل السهاد، قليل الرقاد، يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار، ويجود لله بمهجته، ويبوء إليه بعبرته، لا تغلق له الستور، ولا يدخر عنا البدور، ولا يستلين الاتكاء، ولا يستخشن الجفاء، ولو رأيته إذ مثل في محرابه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وهو قابض على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، وهو يقول:

«يا دنيا، إليّ تعرضت، أم إليّ تشوقت، هيهات هيهات لا حاجة لي فيك، أبنتك ثلاثا لا رجعة لي عليك».

ثم يقول:
«واه واه لبعد السفر، وقلة الزاد، وخشونة الطريق»)([6])، - يتبع -[7].

الهوامش:
([1]) المناقب لابن شهر آشوب: ج3، ص119؛ البحار للمجلسي: ج43، ص76؛ ربيع الأبرار للزمخشري: ج2، ص274؛ المستطرف للأبشيهي: ج1، ص76؛ الخصائص الفاطمية للكجوري: ج2، ص425؛ قادتنا كيف نعرفهم للسيد الميلاني: ج5، ص391.
([2]) سورة طه، الآيتان: 1 و 2.
([3]) الكافي للكليني: ج2، ص95.
([4]) صحيح البخاري: ج4، ص1830، ح4557.
([5]) التهذيب للطوسي: ج2، ص4، ح3.
([6]) الأمالي للشيخ الصدوق: ص724.
[7] لمزيد من الاطلاع، ينظر: موسوعة هذه فاطمة، السيد نبيل الحسني، ج5 ص10 – 13 اصدار قسم الشؤون الفكرية والثقافية، العتبة الحسينية المقدسة، ط1 مؤسسة الأعلمي – بيروت 1434هـ ــ 2013م

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2779 Seconds