الحمد لله ربِّ العالمين على ما أَنعم علينا بالوجودِ بعد العَدم، وفضَّلنا على كثيرٍ ممَّن خلق من الأُمم بمُحمَّدٍ وآله مصابيح الظُّلم، والصَّلاة والسَّلام على مُحمَّدٍ وآله المفضَّلين في القدم على سائِر المخلوقات في البداءة إلى آخرِ العَدم, وبعد:
إنَّ الحديث عن فضائل آل بيت النَّبِيّ(عليه وعليهم أفضل الصَّلَاةِ والسَّلَام) التي فضَّلَهم (الله تعالى) بها على كل الموجودات لا تعد ولا تحصى، ونخص في موضوعنا هذا الإمام عَلِيّ(صلوات الله تَعالى عليهِ) الَّذي هو إمام المتقين وقائد الغر المحجَّلِين وأمير المؤمنين وسيد الوصيِّين وخليفة رسول ربِّ العالمين(صلَّى الله علهِ وآلهِ)، وزوج فاطمة سيِّدة نساء العالمين(عليها الصَّلَاةِ والسَّلَامِ إلى يومِ الدِّين) بنت رسول ربِّ العالمين(صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيهِ وآلِهِ)؛ فهذ كلَّها فضائلٌ عظيمة من الله(جَلَّ وعَلَا) فضَّلَ بها الإمام عَلِيّ(عليهِ الصَّلَاةِ والسَّلَامِ).
ومن فضائله(عليهِ السَّلَامِ) أنَّ مزلته الأخوية من رسول الله (صَلّى الله عليه وآله): التي هي كمنزلة هارون من موسى(عليهِمِا السَّلَامِ)؛ فرويَ عن النَّبيّ مُحمَّدٍ(صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيهِ وآلِهِ) (منزلتك منِّيّ يا عَلِيّ منزلة هارون من موسى)([1])
وقد روُي عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلَّى الله عليهِ وآلِهِ: (إن الله تبارك وتعالى أطلع إلى الأرض إطَّلاعة فاختارني منها فجعلني نبيَّا، ثم أطّلع الثانية فاختار منها عَلِيَّا فجعله إماماً، ثم أمرني أَن أتخذه أخا ووليِّاً ووصيِّاً وخليفةً ووزيراً)([2]).
فيتبيَّن لنا من الحديث أعلاه أنَّ من فضائلهِ( عليهِ السَّلَامِ) هي أخوته لرسول الله(صَلَّى الله عَلَيهِ وآلِهِ) فقط الفرق بينهما (عليهِمَا السَّلَامِ) أنَّ مُحَمّدَاً (صلوات الله تعالى عليهِ وعلى آلِهِ الطَّاهِرِيْن) اختص بالنُّبوَّةِ؛ لأنَّه خاتَم النبيِّين وعَلِيًّا (عَلَيْهِ السَّلَاْمِ) اختصَّ بالإمامة، ولا يوجد في كلِّ المخلوقات من الجنِّ والأنس أفضل منه (عليهِ الصَّلَاةِ والسَّلَامِ) بعد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وإنَّ الله تعالى أختاره وفضَّله على بقية البشر وأمر نبيِّهِ أن يتَّخِذه أخاً ووزيراً وسنداً ووليَّا وخليفة على الأمَّةِ الإسلاميَّة.
كذلك فهو (عليه الصَّلَاةِ والسَّلَامِ) من الرَّسول (صَلَى الله تَعَالى عَلَيْهِ وآلِهِ) جزء لا يتجزأ، لأنَّهما مرتبطان من عالم الذر بصلاتٍ قوية وجذور عميقة، فهم حجج الله تعالى على البريةِ، ومن هذه الفضائل أنَّ فاطمة الزَّهراء بنت الرَّسول تكون زوجتهِ (عَلَيهِم أَفْضَل الصَّلَاةِ والسَّلَامِ)، ومنها أيضاً أنَّه أبو سبطي رسول الله (عَلَيهِم أَفضَل الصَّلَاةِ والسَّلَامِ)، وغيرها العديد من الأواصر والروابط الأخرى، وما يؤكد كلامنا هذا أنَّه روي عن الرَسول الأكرم (صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهِ) أنَّهُ قال: (...؛ فعلي منِّي وأنا من عَلِيّ وهو زوج ابنتي وأبو سبطي الحسن والحسين، ألا وإنَّ الله تبارك وتعالى جعلني وإياهم حججا على عباده، وجعل من صلب الحُسَين أئمَّة يقومون بأمري، ويحفظون وصيتي، التَّاسع منهم قائم أهل بيتي، ومهدي أمتي، أشبَّه النَّاس بيّ في شمائله وأقواله وأفعاله يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلة، فيعلن أمر الله، ويظهر دين الله عز وجل، يؤيد بنصر الله وينصر بملائكة الله، فيملأ الأرض قسطا وعدلاً؛ كما ملئت جوراً وظلماً)([3]).
وله(عَليَهِ السَّلَامِ) العديد من الفضائل ونكتفي بما ذكرناه منها وسنبيِّن بعضاً في بحثٍ آخر بعونهِ تعالى، وفي الختام لهذا البحث نسأل الله العليّ القدير أن يجعله في ميزان حسناتِنا ويجعلنا من الموالين للرسول الأكرم لآلِ بيتهِ الطَّيِّبين الطَّاهرِين(عليهِ وعليهم أفضل الصَّلَاةِ وأتم التَّسلِيم إلى يومِ الدِّين واللَّعن على أعدائِهم إلى يومِ الدِّين).