الباحث: محمد حمزة الخفاجي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على حبيب الخلق أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
وبعد:
إن لكل نبي أعوان يعينونه على نشر الدعوة وكان لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، أعوان خلص آزروه وساندوه في بداية الدعوة، وكان من أبرزهم وأقربهم الى نفس النبي الإمام علي (عليه السلام)، فقد شهد له الله والنبي والناس في اخلاصه وحبه لله ولرسوله، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين: مال خديجة وسيف علي بن أبي طالب)([1]).
فلولا سيف علي ما قام الاسلام ويوم الخندق شاهد على قول النبي محمد (صلى الله عليه وآله) فالمسلمون في ذلك اليوم كانوا منكسرين قد غلب عليهم الخوف فلم يبرز لعمر بن ود غير علي ابن أبي طالب (عليه السلام).
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وأله): (ضربة على يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين)([2]).
وفي يوم خيبر كان له الدور الأكبر ذلك حينما قلع باب خيبر وبها انتصر المسلمون على اليهود وقد قتل الإمام (عليه السلام) مرحبا وجملة من الأبطال والشجعان.
وروي في المناقب أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث خالدا إلى اليمن يدعوهم إلى الاسلام فيهم البراء بن عازب فأقام ستة اشهر فلم يجبه أحد فساء ذلك على النبي (صلى الله عليه وآله) وأمره أن يعزل خالدا فلما بلغ أمير المؤمنين (عليه السلام) القوم صلى بهم الفجر ثم قرأ على القوم كتاب رسول الله فأسلم همدان كلها في يوم واحد وتبايع أهل اليمن على الإسلام فلما بلغ ذلك رسول الله خر لله ساجدا وقال السلام على همدان.
ومن أبيات لأمير المؤمنين في يوم صفين:
ولو أن يوما كنت بواب جنة * لقلت لهمدان ادخلوا بسلام[3].
فالإمام (عليه السلام) أحرص الناس على دين الله ودين رسوله وقد ظهر ذلك من خلال تضحياته وحرصه ومآزرته للنبي (صلى الله عليه وآله) في الحروب والغزوات وغير ذلك من المواقف التي شهد لها الناس.
عن أبي البختري، عن علي (عليه السلام) قال: بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى اليمن، قلت: يا رسول الله تبعثني وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء؟ قال: فضرب بيده في صدري وقال: (اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه) فو الذي نفسي بيده ما شككت في قضاء بين اثنين[4].
كان قلب علي (عليه السلام) مستودع علم النبي (صلى الله عليه وآله) ومخزون أسراره، وكان لسانه لسان رسول الله الناطق بالحق والناشر للصدق والعدل، فالأيام التي قضاها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) منذ الطفولة الى أن وصل الى هذا العمر الشريفة فهو نفس النبي (صلى الله عليه وآله) الذي أودعه سبحانه علم النبي(صلى الله عليه وآله) وجعله مولا على الناس.
عن الباقر (عليه السلام) قال: (بعث النبي (صلى الله عليه وآله) عليا إلى اليمن فانفلت فرس لرجل من أهل اليمن فنفح رجلا فقتله فأخذه أولياؤه ورفعوا إلى علي عليه السلام، فأقام صاحب الفرس البينة أن الفرس انفلت من داره فنفح الرجل برجله، فأبطل علي (عليه السلام) دم الرجل، فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يشكون عليا فيما حكم عليهم، فقالوا: إن عليا ظلمنا وأبطل دم صاحبنا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن عليا ليس بظلام، ولم يخلق علي للظلم، وإن الولاية من بعدي لعلي، والحكم حكمه، والقول قوله، لا يرد حكمه وقوله وولايته إلا كافر، ولا يرضى بحكمه وولايته إلا مؤمن، فلما سمع الناس قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) قالوا: يا رسول الله رضينا بقول علي وحكمه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هو توبتكم مما قلتم)[5].
كان (صلوات الله وسلامه عليه) متيقناً أن علي مع الحق وأنه الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل لذا كان يزجر ويوبخ كل من يشتكي له من علي (عليه السلام) وكم من حديث روي بحقه (صلوات الله وسلامه عليه) أنه قال: (من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله يوشك أن ينتقم منه)([6]).
الخلاصة:
إن هذه الأقوال التي جاءت عن النبي (صلى الله عليه وآله) بحق علي (عليه السلام) توضح مكانة الإمام (عليه السلام) وأهميته بنشر الدعوة وحفظ الدين سواء في حياة النبي وبعد مماته (صلوات الله وسلامه عليه). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الهوامش:
[1] شجرة طوبى، الشيخ محمد مهدي الحائري: 2/ 233.
[2] شجرة طوبى، الشيخ محمد مهدي الحائري: 2/ 287.
[3] ينظر: مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج1، ص394.
[4] ينظر: بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج21، ص360.
[5] بحار الانوا، ج21، ص362.
[6] تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله)، ابن شعبة الحراني: 459.