« نهج البلاغة » ذلك الكتاب الذي أقامه اللّه حجة واضحة على أن الإمام علياً (عليه السلام) كان أحسن مثال حيّ لنور القرآن و حكمته، و علمه و هدايته، و إعجازه و فصاحته.
اجتمع لعليّ في هذا الكتاب ما لم يجتمع لكبار الحكماء، و أفذاذ الفلاسفة، و نوابغ الربّانيّين، من آيات الحكمة السابغة، و قواعد السياسة المستقيمة، و من كل موعظة باهرة ، و حجة بالغة تشهد له بالفضل و حسن الأثر.
خاض الإمام عليّ (عليه السلام) في هذا الكتاب لجّة العلم ، و السياسة و الدين ، فكان في كل هذه المسائل نابغة مبرّزا.
و لئن سألت عن مكان كتابه من الأدب بعد أن عرفت مكانه من العلم ، فليس في وسع الكاتب المترسّل، و الخطيب المصقع، و الشاعر المفلق، أن يبلغ الغاية من وصفه، أو النهاية من تقريظه.
و حسبنا أن نقول: أنه الملتقى الفذّ الذي التقى فيه جمال الحضارة، و جزالة البداوة، و المنزل المفرد الذي اختارته الحقيقة لنفسها منزلا تطمئن فيه، و تأوي إليه بعد أن زلّت بها المنازل في كل لغة.