محمد حمزة الخفاجي
من حكم أمير المؤمنين(عليه السلام ) قوله:
« مَنْ أُعْطِيَ أَرْبَعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِيَ اَلدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ اَلتَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْقَبُولَ وَمَنْ أُعْطِيَ اَلاِسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْمَغْفِرَةَ وَمَنْ أُعْطِيَ اَلشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ اَلزِّيَادَةَ »[1].
إن الدعاء والاستغفار والتوبة والشكر جميعها تقرب العبد إلى ربِّه، فمن وفق في طلب ذلك فإنَّ الله لا يحرمه من رحمته، والإمام علي (عليه السلام)، يضمن للداعي بالإجابة، وللتائب بقبول توبته، وللمستغفر بغفران ذنبه، وللشاكر بالزيادة كوننا متوجهين الى خالق عظيم رؤوف بعباده غفور رحيم.
وتصديق ذلك ما جاء في كتاب الله بخصوص الدعاء والاستغفار والتوبة والشكر.
أما الدعاء فقد قال تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[2]، ولكن بشروط منها: ان لا تكون فيها قطيعة رحم ولا اثم، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم): (ما من مؤمن دعا الله سبحانه دعوة، ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم ، إلا أعطاه الله بها أحد خصال ثلاث: إما أن يعجل دعوته، وإما أن يدخر له ، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، قالوا : يا رسول الله، إذن نكثر ؟ قال: أكثروا )[3].
وللدعاء أثر كبير في تغير حال الانسان؛ إذ انه يجلب السعادة الدنيوية والأخروية .
أما ما يخص التوبة فقد قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}[4].
فمن شروط التوبة هي ان تكون توبة نصوحة لا رجعة فيها الى الذنب، والله سبحانه يحب التائبين، قال تعالى في كتابه الكريم : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[5].
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (مَا كَانَ اللَّه لِيَفْتَحَ عَلَى عَبْدٍ بَابَ الشُّكْرِ، ويُغْلِقَ عَنْه بَابَ الزِّيَادَةِ، ولَا لِيَفْتَحَ عَلَى عَبْدٍ بَابَ الدُّعَاءِ ويُغْلِقَ عَنْه بَابَ الإِجَابَةِ، ولَا لِيَفْتَحَ لِعَبْدٍ بَابَ التَّوْبَةِ ويُغْلِقَ عَنْه بَابَ الْمَغْفِرَةِ) [6].
أما بخصوص الاستغفار قال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا }[7]، وفي الاستغفار بيان أثر رحمة الله على العباد.
وللاستغفار أثر كبير في زيادة الرزق قال تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[8].
فمن اراد ان يرزق بمال وبنين فعليه بالاستغفار، (عن الربيع بن صبيح ، أن رجلا أتى الحسن ( عليه السلام ) فشكا إليه الجدوبة ، فقال له الحسن: استغفر الله، وأتاه آخر فشكا إليه الفقر فقال له: استغفر الله، وأتاه آخر فقال له: ادع الله أن يرزقني ابنا ، فقال له: استغفر الله، فقلنا له: أتاك رجال يشكون أبوابا ويسألون أنواعا فأمرتهم كلهم بالاستغفار؟ ! فقال: ما قلت ذلك من ذات نفسي، إنما اعتبرت فيه قول الله :( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا)[9].
وفي الشكر قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}. أي ازيدكم من مال وبنين وجاه وعافية وكل ما هو خير ورحمة هذا ما وعد به الله عز وجل للشاكرين.
عن الهيثم بن واقد قال: سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول: (ما أنعم الله على عبد بنعمة بالغة ما بلغت فحمد الله عليها إلا كان حمده لله أفضل من تلك النعمة وأعظم وأوزن)[10].
فنسأل الله ان لا يحرمنا من عطائه ومنِّه.
[1]- نهج البلاغة، الحكمة : 135.
[2] - سورة غافر، الآية: 60.
[3]- وسائل الشيعة . / ج7 / ص27 . ح8 .
[4] - سورة التحريم، الآية: 8.
[5] - سورة البقرة، الآية: 222.
[6]- نهج البلاغة من غريب كلامه عليه السلام، ص553.
[7] - سورة النساء، الآية: 110.
[8] - سورة نوح، الآية: 10 – 12.
[9]- وسائل الشيعة (ال البيت ) الحر العاملي . ج7 / ص178 / ح10 .
[10]- وسال الشيعة (ال البيت ) الحر العملي . ج7 / ص174 / ح3 . باب استحباب كثرة حمد الله عند تظاهر النعم