علي فاضل الخزاعي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء محمد وآله الطاهرين، وأصحابه الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
عندما نعمد الى البحث في حياة الصحابة وشؤونهم وما فعلوه وما اعتقدوه يرجع الى كونهم من الصحابة المخلصين لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (صلوات الله عليهم)، الواصلين إلى أقصى مدارج الإيمان والتقوى والعرفان، وكونهم زقوا من أهل بيت النبوة (عليهم السلام) كل معاني الإيمان الحقيقي الخالص، ومن هؤلاء الصحابة الصحابي (مالك بن كعب الأرحبي) فهو من أصحاب الإمام عليّ (عليه السلام) ومن أركان حكومته كان والياً على عين التمر[1]، وبهقباذات[2].
أمره مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) على جند بعثهم لنصرة محمد بن أبي بكر، وكان عامل أمير المؤمنين (عليه السلام) بعين التمر وسرح معه ألف رجل، وفي ذلك دلالة بينة على عدالته وكماله[3].
وممّا يُثنى عليه شجاعته التي أبداها قبال هجوم النعمان بن بشير على عين التمر؛ فإنّه واجه جيش النعمان الذي قوامه ألفي فارس بسريّة قوامها مائة مقاتل فقط، حتى وصل الإسناد العسكري إليه، واضطرّ النعمان إلى الفرار[4].
حيث كانت حكومة الإمام علي (عليه السلام) تتميز بميزات تختلف عن ميزات باقي الحكومات التي سبقتها والدليل يرجع الى كون حكومة الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) تسير على نهج إسلامي خالص حيث ركز الإمام (سلام الله عليه) على أهم ركيزة في حكومته ألا وهي اختيار القادة والعمال وتوجيههم نحو طريق خاص في طاعة الله وسيرة أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، فمثلا عندما نرى وصايا الإمام الى الصحابي (مالك بن كعب الأرحبي) نراها تحوي على نظريات في مختلف جوانب الحياة منها الجانب الديني وكذلك الجانب الأخلاقي والجانب السياسي وكثير من الجوانب الحياتية التي تصل المجتمع الى التكامل المطلوب في كل الجوانب.
فمن كتابه (عليه السلام) إلى مالك بن كعب الأرحبي: (إنّي ولّيتك معونة البهقُباذات، فآثِر طاعة الله، واعلم أنّ الدنيا فانية والآخرة آتية، واعمل صالحاً تُجزَ خيراً، فإنّ عمل ابن آدم محفوظ عليه وإنّه مجزيّ به، فعل الله بنا وبك خيراً، والسلام)[5].
وكذلك في كتابه ( عليه السلام ) لكعب بن مالك: (أمّا بعد، فاستخلف على عملك، واخرج في طائفة من أصحابك حتى تمرّ بأرض السواد كورة كورة، فتسألهم عن عمّالهم، وتنظر في سيرتهم، حتى تمرّ بمن كان منهم فيما بين دجلة والفرات، ثمّ ارجع إلى البهقباذات فتولَّ معونتها، واعمل بطاعة الله فيما ولّاكمنها.
واعلم أنّ الدنيا فانية وأنّ الآخرة آتية، وأنّ عمل ابن آدم محفوظ عليه، وأنّك مجزيّ بما أسلفت، وقادم على ما قدَّمت من خير، فاصنع خيراً تجد خيراً)[6].
فهذه الكتب والوصايا التي كان يعمد الإمام (عليه السلام) الى أرسالها للقادة والعمال في حكومته نابعة من شريعة سمحاء يؤدي السير على وفقها الى ضمان إشاعة العدالة الاجتماعية، ولعل تطبيقها يحتاج في بادئ الأمر الى أن يكون رأس الإدارة في الحكومة من عوامل النجاح كونه حجر الأساس والأداة المنفذة للعمل بموجب كتاب الله (عز وجل) وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) وهذا ما نراه في حكومة أمير المؤمنين (عليه السلام).
لهذا عمد الصحابي مالك بن كعب الأرحبي الى السير على منهج أمير المؤمنين (عليه السلام) والعمل بوصاياه حتى عد من أركان حكومته، فسلام الله عليه.
والحمد لله رب العالمين.
الهوامش:
[1] الغارات، إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي: 2/ 447.
[2] أنساب الأشراف، البلاذري: 2/393.
[3] مستدركات علم رجال الحديث، الشيخ علي النمازي الشهارودي: 6/337.
[4] ينظر: الغارات: 2/456.
[5] أنساب الأشراف:2/165.
[6] نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة، الشيخ المحمودي: 4/137.