الصَّحابي الشَّهيد على عدم البراءة من الامام عَلِيّ (عليه السَّلَام) محمَّد بن أبي حذيفة العبشمي (رحمه الله)

علي ومعاصروه

الصَّحابي الشَّهيد على عدم البراءة من الامام عَلِيّ (عليه السَّلَام) محمَّد بن أبي حذيفة العبشمي (رحمه الله)

6K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 04-07-2020

علي فاضل الخزاعي
الحمد للَّه ربّ العالمين وصلَّى اللَّه على نبيّنا مُحَمَّد وآله الطَّاهرين، واللعن الدَّائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدِّين.
وبعد..
تستمر تضحية الصحابة الموالين لأهل البيت (عليهم السلام) بإخلاص كبير واندفاع وحرص لا نظير لهما، بل ويبقون يدافعون عن رسالة التوحيد، والدين الحق الذي جاء به النبي الكريم (صلَّى الله عليه وآله) في سبيل ارساء قواعده ونشر تعاليمه، وبالبراءة من أعداء أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) ومن هذه الشخصيات التي تركت بصمة شرف سجلتها صفحات التاريخ الإسلامي ولم يرتد عن عقيدته هو الصحابي (محمد بن أبي حذيفة) (رضوان الله تعالى عليه).
وهو محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي أبو القاسم، أمه سهلة بنت سهيل بن عمرو العامرية[1].
ولد بأرض الحبشة على عهد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) واستشهد أبوه أبو حذيفة باليمامة فضم عثمان ابنه هذا لأياه وربَّاه.
استأذن عثمان في أن يذهب إلى مصر للغزو فأذن له فأخذ هناك يؤلب النَّاس على عثمان ثم وثب على خليفة عبد الله بن سعد بمصر وأخرجه منها وبايعه أهل مصر بالإمارة، ولما استخلف أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) أقرَّه عليها فبقي عليها حتى سار إليه معاوية (عليه لعائن الله تعالى) عند مسيره إلى صفين، فخرج إليهم محمد ومنعه من دخول الفسطاط ثم تصالحوا على أن يخرج محمد بن أبي حذيفة ومن معه آمنين فخرج محمد وثلاثون رجلا فغدر بهم معاوية وحبسه في سجن دمشق ثم قتله رشدين مولى معاوية! وكان محمد ممن أدركوا صحبة الرَّسول (صلَّى الله عليه وآله)[2].
كان محمَّد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة مع الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) ومن أنصاره وأشياعه - وكان ابن خال معاوية الملعون وكان رجلًا من خيار المسلمين - فلمَّا [أُستُشهِد أمير المؤمنين] الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) أخذه معاوية [لعنه الله تعالى] وأراد قتله، فحبسه في السجن دهرًا.
ثم قال معاوية [لعنه الله تعالى] ذات يوم: ألا نرسل إلى هذا السَّفيه محمَّد بن أبي حذيفة؟ فنبكته ونخبره بضلاله، ونأمره أن يقوم فيسبّ عَلِيًّا، قالوا: نعم فبعث إليه معاوية وأخرجه من السّجن.
فقال له معاوية [لعنه الله تعالى]: ألم يأن لك أن تبصر ما كنت عليه من الضلالة بنصرتك عَلِيّ بن أبي طالب الكذاب؟ ألم تعلم أن عثمان قتل مظلوما؟ وأن عائشة وطلحة والزبير خرجوا يطلبون بدمه، وأن عليا هو الذي دس في قتله ونحن اليوم نطلب بدمه.
قال محمد بن أبي حذيفة: إنك لتعلم أني أمس القوم بك رحما وأعرفهم بك.
 قال: أجل، قال: فوالله الذي لا إله غيره ما أعلم أحدا شرك في دم عثمان وألب الناس عليه غيرك! لما استعملك ومن كان مثلك، فسأله المهاجرون و الأنصار أن يعزلك، فأبى، ففعلوا به ما بلغك، ووالله ما أحد اشترك في دمه بدءا وأخيرا إلا طلحة والزبير وعائشة، فهم الذين شهدوا عليه بالعظيمة وألبوا عليه الناس، وشركهم في ذلك عبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وعمار والأنصار جميعًا، قال: قد كان ذلك.
قال: فوالله إني لأشهد أنك منذ عرفتك في الجاهلية والإسلام لعلى خلق واحد، ما زاد فيك الإسلام قليلا ولا كثيرا، وإن علامة ذلك فيك لبينة، تلومني على حب الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) خرج مع الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) كل صوام قوام مهاجري وأنصاري، وخرج معك أبناء المنافقين والطلقاء والعتقاء، خدعتهم عن دينهم وخدعوك عن دنياك، والله ما خفي عليك ما صنعت، وما خفي عليهم ما صنعوا، إذ أحلوا أنفسهم لسخط الله في طاعتك، والله لا أزال أحب عليا لله ولرسوله، وأبغضك في الله ورسوله أبدا ما بقيت.
قال معاوية [لعنه الله تعالى]: وإني أراك بعد على ضلالك، ردوه! فمات في السجن[3].
هذا جزء مما تم ذكره بحق هذا الصحابي وما كان له من مواقف مشرفة في الدفاع عن أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) وكيف ضحى بنفسه ونفيسه من أجل كسر جبروت الطَّواغيت وإحياء الإسلام وبهذه الصلابة وقوة الإرادة المؤمنة يفوز بالخير والدرجات عند اللَّه تعالى.
والحمد لله ربّ العالمين...

الهوامش:
[1] الاستيعاب، ابن عبد البر: 1/233.
[2] ينظر: الاستيعاب: 3 / 321-322 الترجمة رقم 991،  والإصابة، ابن حجر: 3/54.
[3] - ينظر: قاموس الرجال، التستري: 7 /500 ، والبحار: 8/530 ط الكمباني، كلاهما عن الكشي: 70 – 72.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2552 Seconds