الباحث: محمد حمزة الخفاجي
الحمد لله الناشر في الخلق فضله، والباسط فيهم بالجود يده، ونشهد أن لا إله غيره وأن محمدا عبده ورسوله.
وبعد..
ولدت فاطمة بنت مُحَمَّد (صلَّى الله عليه وآله)، بعد مبعث رسول الله بخمس سنين هذا ما قاله أبو جعفر محمد الباقر(عليه السَّلَام) [1].
وقيل: إنَّها (عليها السَّلَام) ولدت في العشرين من جمادى الآخرة يوم الجمعة سنة اثنتين من المبعث[2].
البشارة في مولدها (صلوات الله وسلامه عليها)
قبل أن تولد هذه السيدة الفاضلة بشر الله (عز وجل) نبيّه (صلَّى الله عليه وآله) بهذه المولودة الطيبة، فروي أنه (صلَّى الله عليه وآلهِ) قال لخديجة في حملها لفاطمة (عليها السَّلَام): (.. يا خديجة، هذا جبرئيل يخبرني أنها أنثى، وأنها النّسلة الطاهرة الميمونة، وإن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها، وسيجعل من نسلها أئمة، ويجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه...)[3].
فمنذ ولادتها، بل قبل أن تولد (عليها السَّلَام) بان فضلها وعلا شأنها، فهي ميمونة زكية قد أذهب الله عنها الرجس وطهرها تطهيرًا، إذ جعلها مشكاة الأنوار وحُجَّة الله على الخلق، وجعل من نسلها أئمة عظام، وأعطاها من الفضل ما لم يعطِ غيرها من النّساء، إذ اصبحت سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.
من صفاتها (صلوات الله وسلامه عليها) وأسمائها وألقابها:
فمن صفاتها (عليها السَّلَام) أنَّها تزهر بنور جلالها للخلق، فيروى: أنَّ السَّيِّدة فاطمة الزَّهرَاء (عليها الصَّلَاة والسَّلَام) لما سقطت دخل نورها جميع بيوتات مكة، ولم يبقَ في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا وأشرق فيه نورها[4].
فسبحانه وتعالى خلقها من نور العظمة، وهي الحُجَّة الظاهرة لأهل السماء والأرض، لم يخلق الله مثلها ولم يكن لها كفء بين الخلق أجمع سوى أمير المؤمنين (عليه وعليها الصَّلَاة والسَّلَام).
وكان لها أسماء عند الله تعالى، تُبيّن عظيم منزلتها (عليها الصَّلَاة والسّلَام) ومكانتها عنده سبحانه، وهذا ما جاء عن يونس بن ظبيان، حيث قال: قال أبو عبد الله الصَّادق (عليه السَّلَام): (لفاطمة (عليها السَّلَام) تسعة أسماء عند الله (عزَّ وجلّ): فاطمة، والصّديقة، والمباركة، والطَّاهرة، والزكية، والرّضيّة، والمرضيّة، والمحدّثة، والزَّهرَاء.
ثم قال (عليه السَّلَام): تدري لأي شيء سُمّيتْ فَاطِمَة؟ قلتْ: أخبرني يا سيدي، قال (عليه السَّلَام): فطمت من الشّرّ، قال: ثم قال: لولا أن أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) تزوجها لما كان لها كفو على وجه الأرض إلى يوم القيامة، آدم فمن من دونه)[5].
فهذه منزلة الزهراء، إذ لم يسبقها بالفضل أحد من الخلق سوى أبيها وبعلها (صلوات الله وسلامه عليهما وآلهما).
أمَّا ألقابها (صلوات الله وسلامه عليها): فمنها (البتول)، ومعنى البتول التي لم تحض كما تحيض النساء، والبتول: كل امرأة تنقبض عن الرجال فلا حاجة لها فيهم، ومنه التبتل: وهو ترك النكاح[6].
وقد سُئِل رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ما البتول؟ قال: (لم تر حمرة قط ولم تحض فإن الحيض مكروه على بنات الأنبياء)[7].
وقال (صلوات الله وسلامه عليه) أيضًا: (إنّما سمّيت فَاطِمَة البتول، لأنّها تبتّلت من الحيض والنفاس، لأنّ ذلك يحسب في بنات الأنبياء نقصاناً)[8].
فلا نظير للسيِّدة فَاطِمَة (عليها السَّلَام) فهي حوراء أنسيّة مطهرة من كل دنس ومن كل قبيح لذا وصلت إلى هذا المستوى العالي في الخَلق والخُلق، فرحم الله شيعتها ولعن أعدائها.
الهوامش:
[1] - ينظر، الكافي: 1 / 457.
[2] - ينظر: بحار الأنوار: 43 / 9.
[3] - الأمالي، الشيخ الصدوق: 691.
[4] - ينظر البحار: 43 / 6.
[5] - الأمالي، الشيخ الصدوق: 688.
[6] - ينظر: العين، الفراهيدي: 8 / 124.
[7] - مناقب آل ابي طالب، ابن شهر آشوب: 3 / 110.
[8] - الخصائص الفاطمية، الشيخ محمد باقر: 1 / 154.