.png)
مقالات وبحوث
الباحث: محمد حمزة الخفاجي
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي بَطَنَ خَفِيَّاتِ اَلْأَمُوُرِ وَ دَلَّتْ عَلَيْهِ أَعْلاَمُ اَلظُّهُورِ . . . وبعد . .
لكل نبي وصي فكان أمير المؤمنين (عليه السلام) خير الأوصياء، ومن ثم اختار الله سبحانه من ولده حججا، وقد أهدى له لوحا فيه أسماؤهم، وقد أعطى النبي (صلى الله عليه وآله) هذا اللوح لفاطمة (عليها السلام)، ففي رواية قال الإمام السجاد (عليه السلام) لجابر الأنصار ي (رضوان الله تعالى عليه): (..يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يدي أمي فاطمة (صلوات الله عليها) وما أخبرتك أمي أنه مكتوب في اللوح؟ فقال جابر: اشهد بالله أني دخلت على فاطمة أمك (صلوات الله عليها) في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهنيتها بولادة الحسين (عليه السلام)، فرأيت في يدها لوحا " أخضر ، فظننت أنه من زمرد، ورأيت فيه كتابا " أبيض شبه نور الشمس، فقلت لها: بأبي أنت وأمي ما هذا اللوح؟ قالت: هذا لوح أهداه الله تبارك وتعالى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه اسم أبي واسمي واسم بعلي واسم ابني وأسماء الأوصياء من ولدي..)[1].
وقد بشر النبي (صلى الله عليه وآله) بالقائم من آل محمد خاصته والعامة من الناس، وكيف لا يبشر به وهو آخر من يتبقى من ذريته الميامين، ففي رواية أنه (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة الزهراء (عليها السالم): (أبشري يا فاطمة، فإن المهدي منك)[2].
وعن أبي الحجاف قال رسول (صلى الله عليه وآله): (أبشروا بالمهدي قالها ثلاثا يخرج على حين اختلاف من الناس وزلزال شديد يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يملأ قلوب عباده عبادة ويسعهم عدله)[3].
فهذه الشخصية العظيمة لها ارتباط برسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ به يظهر الله دين النبي فلا يبقى إنسان إلا ويقر بدين محمد (صلى الله عليه وآله)، لذا كان النبي ( صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ) يبشر به بوصفه منقذ البشرية ومحي السنة، والمنتقم الذي به يقصم الله شوكة الجبارين والمتكبرين ويظهر دينه على الأديان، يروى أن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: (منا إثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وآخرهم التاسع من ولدي وهو القائم بالحق، يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به الدين الحق على الدين كله ولو كره المشركون)[4].
وحينما يظهر المهدي (عجل الله فرجه) تشرق الدنيا بنور وجهه الكريم يقول النبي محمد (صلى الله عليه وآله): (المهدي من ولدي، وجهه كالكوكب الدري... يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، يرضى بخلافته أهل السماء والطير في الجو)[5].
فمثلما أن الله بشر الأمم السابقة بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كونه منقذ البشرية وهادي الأمة، كذلك بشر بالقائم من آل محمد إذ به ينشر الله عدله في جميع أرجاء العالم، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}[6].
فهذه الآية نزلت بالمهدي وأصحابه[7]، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من عترتي فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا)[8].
وعنه ( صلى الله عليه وآله ): (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله تعالى رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا) .
فهذا وعد غير مكذوب، وإن طالت الدهور وكثر الجور فلا بد من ظهوره، فإن ظهر ساد العدل وظهر الحق، وهذا ما يرجوه كل إنسان مؤمن، فنسأل الله اأن يعجل فرج ولينا وإمام زماننا بحق محمد وآل محمد.
الهوامش:
[1] - الاختصاص، الشيخ المفيد: 210.
[2] - كنز العمال: 12 / 105.
[3] - بحار الأنوار: 51 / 74 ، ينظر كنز العمال: 14 / 261.
[4] - بحار الانوار: 51 / 74.
[5] - دلائل الأئمة، محمد بن جرير الطبري/ الشيعي / : 441.
[6] - سورة الأنبياء: 105.
[7] - ينظر تفسير القمي: 1 / 14.
[8] - كنز العمال: 14 / 271، ينظر مسند أحمد: 3 / 63.
