الباحث: هُشَام مَكيّ خضيِّر الطَّائيّ
الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلَّى الله تعالى على نبيّنا مُحَمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهِرِين، والغرّ الميامين المنتجبين...
أمَّا بعد...
ففي هذه الأيام تمرّ علينا في شهر ذي القعدة مناسبة عطرة، وهي: ولادة الإمام عَلِيّ بن مُوسَى الرِّضا (عليهما أفضل الصَّلَاة وأتمُّ السَّلَام) ثامن الحُجَج الكرام، الذي فرض الله تعالى علينا طاعتهم.
لمحة من سيرة حياته:
نسب الإمام عَلِيّ الرِّضا (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) ومولده:
هو الإمام عَلِيّ الرِّضا، بن الإمام موسى الكاظم، بن الإمام جعفر الصَّادق، بن الإمام مُحَمَّد البَاقِر، بن الإمام عَلِيّ زين العابدين، بن الإمام الحُسَين، بن الإمام عَلِيّ بن أبي طالب، وسيِّدة نساء العالمين، السَّيِّدة فَاطِمَة الزَّهراء (عليهم السَّلَام أجمعين)، بضعة سيِّدنا ومولانا مُحَمَّد رسول الله ( صلَّى الله عليه وآله) [1].
وُلِد (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) بالمدنية سنة ثمان وأربعين ومائة، في يوم الخميس الحادي عشر من شهر ذي القعدة[2].
أُمّه (عليه السَّلَام):
ذكر المؤرخون وعلماء الأنساب أن أم الإمام عَلِيّ بن موسَى الرِّضا (عليه السَّلَام) هي: السَّيِّدة تكتم، وتسمى نجمة، وأروى، وسمانة، وأم البنين، وخيزران، وصقر، وشقراء، والطَّاهرة، وهي أم ولد، ويقال لها: (أُم أَنَس)، فكان لها دور بارز في تربية الإمام الرِّضا (عليه السَّلَام)، ولها أيضًا من الفضل والجلال والعفّة والعبادة ما فاقت به نساء زمانها، فكانت بذلك حليلة للإمام المعصوم (عليه السَّلَام)[3].
كنيته (عليه السَّلَام) وألقابه:
يُكنَّى بأبي الحسن الثَّاني[4]، وبأبي مُحمَّد، وكان (عليه السّلَام) يُلَقَّب بألقاب عدّة منها: الرِّضا والمرتضى، والوفي والصّدّيق، والصَّابر وأنيس النّفوس، وغريب طوس وغُرّة أعين المؤمنين، ومكيد الملحدين، والفاضل ونور الهُدى، وربّ السّرير، وكافي الخلق ورأب التدبير وغيرها[5]، ويقال: إنما سُمي الرّضا، لأَنّه كان رضي الله تعالى في سمائه، ورضي لرسوله والأئمة (عليهم السَّلَام) بعده في أرضه، وقيل: لأَنَّه رضى به المخالف والمؤالف[6].
نشأته (عليه السَّلَام):
نشأ الإمام (عليه السَّلَام) في ظلّ حنان أبيه الإمام مُوسَى الكَاظم (عليه السَّلَام) وأُمّه السَّيِّدة تكتم، في بيت يسوده الإيمان والحبّ في الله تعالى والأُلفة، وأقام مع أبيه تسعاً وعشرين سنة وأشهراً[7]، وبعد شهادة أبيه الإمام مُوسَى بن جَعْفَر الكَاظم (عليه السَّلَام) عشرين سنة إلَّا شهرًا[8].
إمامته (عليه السَّلَام):
مسك الإمام عَلِيّ بن موسى الرِّضا (عليه السَّلَام) زمام الأُمّة الإسلاميَّة، لأنَّه الإمام الشّرعي لها وتولَّى أمورها الدينيَّة والشرعيَّة، فكان أحد الحُجَج الذين وَجَّب الله تعالى توليتهم وطاعتهم على الخلق، فكان (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) متوسّمًا بالتَّواضع والزّهد والعلم والمعرفة بحدود الله تعالى وبكلّ شيء، ومثالًا يُحتذى به بالكرم والشَّجاعة وبجميع المناقب والفضائل الحَسِنة الأخرى التي لا حدّ لها.
فضل زيارته (عليه السَّلَام):
روى إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عمن ذكره قال: قال الرضا (عليه السَّلَام): (من زارنيّ على بعد داري وشط مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى أخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا، وعند الصراط، وعند الميزان)[9].
وروى حمدان بن إسحاق النيشابوري قال: قلت لأبي جعفر الثَّانيّ (عليه السَّلَام): ما لمن زار قبر أبيك بطوس؟ فقال (عليه السَّلَام): (من زار قبر أبي غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر)[10].
والحمد لله ربّ العالمين، وصلَّى الله تعالى على سيِّدنَا ونبيّنا وشفيع ذنُوبنا مُحَمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهِرِين، واللعن الدَّائِم على أعدائِهم إلى قيامِ يوم الدِّين، إنَّه سميعٌ عليم...
الهوامش:
[1] يُنظر: الإمامة وأهل البيت (صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين)، محمد بيومي مهران: 3/104.
[2] الحدائق الناضرة، المحقق البحراني: 17/437.
[3] ينظر: تحرير الأحكام، العلّامة الحليّ: 2/124، والفَاطِمَة المَعْصُومَة (عليها أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، مُحمَّد عَليّ المُعلّم: 23-24.
[4] ينظر: تاج المواليد (المجموعة)، الشَّيخ الطُّوسي: 48.
[5] ينظر: الهداية الكبرى، الحسين بن حمدان الخصيبي: 279، ومناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب: 3/475، والوافي، الفيض الكاشانيّ: 14/1548
[6] أعيان الشيعة، السَّيِّد مُحسِن الأمين: 2/13.
[7] رسائل آل طوق القطيفي، أحمد بن الشَّيخ صالح آل طوق القطيفي: 4/109.
[8] الهداية الكبرى، الخصيبي: 279.
[9] المقنعة، الشيخ المفيد: 479.
[10] المصدر نفسه: 480.