بقلم: السيد نبيل الحسني الكربلائي
«الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانح كل غنيمة وفضل، وكاشف كل عظيمة وأزل»([1]).
اللهم «أجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، على محمد عبدك ورسولك، الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق، والمُعلن الحق بالحق، والدافع جيشات الأباطيل، والدامغ صولات الأضاليل»([2]) وعلى أهل بيته «أساس الدين وعماد اليقين»([3])
وبعد:
فإن الكتاب الذي أخرجه الإمام علي عليه السلام إلى شيعته والمسلمين عامة بعد أن سُئل عن رأيه في أبي بكر وعمر بعد حرب صفين قد احتوى على أصول الأمن الفكري، وهي على النحو الآتي:
الأصل السادس: إحياء ما أحياه القرآن وإماتة ما أماته القرآن:
ينتقل الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام إلى بيان أصل آخر من أصول الأمن الفكري ألا وهو إحياء ما أحيا القرآن وإماتة ما أمات القرآن وهو الأساس والأداة التي ينبغي الأخذ بها لإصلاح أمور المسلمين حينما يعزمون جادين على جمع الكلمة والوحدة ونبذ الفرقة والنزاع والتخاصم، فقال عليه السلام في بيان أمر الصلح حينما جنح له أهل المكيدة والخداع كي يكفوا عن أنفسهم القتل والحرب فقال عليه السلام في رسم الحدود لمن انتخب مفاوضاً مع الغريم:
«فقبلت منكم، وكففت عنهم، إذ أبيتم وونيتم، وكان الصلح بينكم وبينهم على رجلين يحييان ما أحيا القرآن، ويميتان ما أمات القرآن».
ولأن النية من الخصم لم تكن تريد الصلح وإنما الخديعة في الحرب فقد اختلفوا في القرآن فما أماته القرآن هو النفاق والخداع؛ وما أحياه القرآن فهو إرجاع الحق إلى أهله، أي إلى علي عليه السلام سواء بالمنظور التوفيقي، أي بالنص والتعيين كما في بيعة الغدير، أو بالمنظور الانتخابي، كما في بيعتهم له عليه السلام بالخلافة؛ وفي كلا الأمرين والمنظورين يجب عليهم النزول إلى حكم علي عليه السلام وطاعته ودخولهم في جماعة المسلمين.
إلاّ أن القوم قد خالطت الخديعة والنفاق دماءهم فأنى لهم بالنزول إلى القرآن والعمل به وهم أعداء القرآن ومن أنزله ومن أنزل عليه صلى الله عليه وآله وسلم.
إذن:
لتحصيل الأمن الفكري يجب الرجوع إلى القرآن وإحياء ما أحياه القرآن وإماتة ما أماته القرآن ([4]).
الهوامش:
([1]) نهج البلاغة بتحقيق الشيخ قيس العطار: ص179: طبعة العتبة العلوية.
([2]) المصدر السابق: ص170.
([3]) المصدر السابق: ص432.
([4]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الأمن الفكري في نهج البلاغة، للسيد نبيل الحسني: ط: العتبة الحسينية المقدسة مؤسسة علوم نهج البلاغة. ص235-236.