بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر
الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
ورد حَدِيث الإمام عَلِيٍّ (عليه السلام) مخاطبا أصحابه في بعض ايام صفين وهو يحثهم على القتال قوله: ((بطون غرثى))
ورد حديث أمير المؤمنين(عليه السلام) قوله: ((أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى))[1]. وذكر الزمخشري قول الإمام (عليه السلام): ((هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو باليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع. أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى أو أكون كما قال القائل: وحسبُكَ داءً أن تبيت ببطنة... وحولك أكبادٌ تحن إلى القُدِّ))[2].
التركيب الغريب الذي يلفت انظارنا (بطون غرثى)، والبطون جمع (البطن) كما ذكر اصحاب اللغة: البَطْنُ مِنَ الإِنسان وسائِر الْحَيَوَانِ: معروف خِلَافَ الظَّهْر، قال الخليل: ((البَطْنُ في كلّ شيءٍ خلافُ الظَّهر،...ورَجُلٌ بطينٌ: ضَخْمُ البَطْن))[3]. وقال الراغب الأصفهاني: ((أصل البطن الجارحة وجمعه بطون...، والبَطِنُ: الكثير الأكل،... المِبْطَان: الذي يكثر الأكل حتى يعظم بطنه)) [4].
قوله (عليه السلام) (بطون غرثى) بإضافة (غرثى) إلى(بطون) بمعنى جائعة وأصل (الْغَرَث) يَدُلُّ عَلَى الْجُوعِ[5]، فالإمام (عليه السلام) شارك الفقراء في مكاره الدهر،ويأبى أن يبيت مبطانا،أي: عظيم البطن من الأكل وحوله بطون جائعة، إضافة الى ذلك تلميحه في البيت الشعري يتبين ذلك في ضوء السياق الذي يجري باتجاه الإحساس بآلام الآخرين، ممن لا أحد يتعهدهم بالرعاية.[6].
الهوامش:
[1] النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/137.
[2] ربيع الابرار ونصوص الاخبار: 3/241-242، وينظر: التذكرة الحمدوية: 1/99.
[3] العين: (بطن) 7/441، وينظر: مقاييس اللغة: (بطن)1/259، والقاموس المحيط: (بطن)1/1180.
[4] المفردات في غريب القرآن: 1/ 130.
[5] ينظر: اساس البلاغة: (غرث)1/697، والنهاية غريب الحديث والأثر: 3/353.
[6] مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/ دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص72.