من الأمثال العربية في نهج البلاغة توظيفه عليه السلام المثل القرآني الحلقة الثانية: البعد الغيبي في القرآن

مقالات وبحوث

من الأمثال العربية في نهج البلاغة توظيفه عليه السلام المثل القرآني الحلقة الثانية: البعد الغيبي في القرآن

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 03-04-2023

بقلم: الدكتور حسن طاهر ملحم – الجامعة العربية.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من تبوأ من الفصاحة ذروتها وأصبح بذلك أفصح العرب أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين لا سيما الإمام علي عليه السلام أمير البيان..

وبعد:
فقد تمثل الإمام علي عليه السلام بالقرآن الكريم كما ثبّته الرضي (رحمه الله) في كتاب نهج البلاغة وهذا يبين أهتمام الإمام عليه السلام بالقرآن الكريم ومعرفته التامة بكتاب الله تعالى أما البعد الغيبي، فيتمثل من خلال الآيات البينات {وذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}[1].
والإيمان بالغيب أحد تلك الثوابت التي تتعلق بشُعب الإيمان بالله واليوم الآخر، وما دام القرآن قد استخدم التاريخ ليدلل العقيدة ويثبت الإيمان بها وينقلنا للاستدلال على الغيب بالحقائق والوقائع التاريخية، كان لابد أن يكون للوقائع التاريخية بعدٌ غيبيٌ، فيكون الإيمان بها مطلقاً عند المسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات السماوية، كعدم إحراق النار لإبراهيم (عليه السلام) وعصا موسى (عليه السلام) وهدهد سليمان (عليه السلام) وإحياء عيسى (عليه السلام)  للموتى، وإسراء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويمكن التعبير عن هذا البعد بعلم المستقبل وهو الآن من الدراسات المعاصرة التي تهتم بها الدول المتطورة، وبهذا نلاحظ أن القرآن الكريم في أكثر أحداثه يكون وحدة شاملة لكل زمان ومكان، فتكون النظرة القرآنية لحركة التاريخ عامة شاملة بعموم الإسلام وشموله، فكان لابد أن يكون القرآن مصدراً مهماً من مصادر الأحداث من قبل البعثة النبوية،  (العصر الجاهلي) وأحداث ما بعد البعثة النبوية أيضا،  وفي هذه المدرسة نشأ الإمام علي (عليه السلام) فكانت مدرسته القرآنية فريدة من نوعها تعلم أسباب النزول وتأويل الآيات وتفسيرها وهو القائل (عليه السلام):
(وأنزل عليكم الكتاب تبياناً لكل شيء وعمّر فيكم نبيه أزماناً حتى أكمل له ولكم - فما أنزل من كتابه - دينه الذي رضي لنفسه، ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق، ولكن أخبركم عنه، ألا إن فيه علم ما يأتي والحديث عن الماضي ودواء دائكم، ونظم ما بينكم وينطق بعضه بعضاً، ويشهد بعضه على بعض.
وفيه ربيع القلوب.... وما للقلب جلاء غيره.... جعله الله رياً بعطش العلماء وربيعاً لقلوب الفقهاء ومحاجاً لطرق الصلحاء....... وعلماً لمن وعى،  وحديثاً لمن روى وحكماً لمن قضى)[2]
والذي ينطلق على لسانه مثل هذا الكلام يحق له أن يتمثل بآيات القرآن التي انغرست في عقله ووجدانه فما تراه إلا في كل موضوع يطرقه ترى نور الله يشع أمامه وهدي الرسول ينير له الطريق،  وكان مشروع الفصاحة وموردها ومنشأ البلاغة ومولدها ومنه (عليه السلام) ظهر مكنونها وعنه أخذت قوانينها وعلى أمثلته حذا كل قائل وخطيب،  وبكلامه استعان كل واعظ وبليغ - ومع ذلك فقد سبق وقصروا،  وتقدم وتأخروا،  لأن كلامه (عليه السلام) الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي وفيه عبقة من الكلام النبوي[3])[4].

الهوامش:
[1]- البقرة: آية 302.
[2]- ينظر نهج البلاغة: خطبة رقم (176)
[3]- نهج البلاغة: شرح محمد عبده: مقدمة (الشريف الرضي)،  ص28.
[4]- لمزيد من الاطلاع ينظر: الأمثال العربية ومدلولاتها التاريخية في كتاب نهج البلاغة، للدكتور حسن طاهر ملحم، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، 163-135.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.4301 Seconds