بقلم: د. جليل منصور العريَّض
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطاهرين.
أما بعد:
نتيجة لتقهقر القيم فلقد غلب على المجتمع الإسلامي ـ في عهد علي عليه السلام ـ النفاق والخضوع الكاذب، والتملق للزعماء ذوي العصبية القبلية، المتظاهرين بالإصلاح، كأصحاب الجمل([1])، ومعاوية ومن شايعه من المؤلفة قلوبهم([2]) الذين ألبوا الناس على العصيان وألبسوا على المسلمين أمورهم ـ كل ذلك رغبة في الوصول إلى قلوبهم، وتحقيق المطامع المادية من السير في ركابهم، والنفاق كظاهرة اجتماعية سيئة ممجوجة، تقود الفرد إلى التعامل مع مجتمعة بشخصيتين متناقضتين، لأن ما يعبر اللسان عنه، يختلف تمام عما يضمره في داخله، فيكون الكذب هو أساس المعاملة بين مختلف فئات المجتمع، فتنعدم روح الإخلاص فيما بينهم، أما لرهبة، أو لرغبة، فيترتب على ذلك غربة المصلحين وضياع جهودهم، بغلبة الرياء والمداهنة، وقد اكتوى عليg بذلك فجسده نقداً عنيفاً في قوله «اعلموا ـ رحمكم الله ـ أنكم في زمان، القائل فيه بالحق قليل، واللسان عن الصدق كليل، واللازم للحق قليل، أهله معتكفون على العصيان، مصطلحون على الإدهان فتاهم عارم، وشائبهم آثم، وعالمهم منافق، وقارئهم معاذق، لا يعظم صغيرهم كبيرهم، ولا يعول غنيهم فقيرهم»([3])، ومجتمع بمثل تلك الصفات، جُبِل أفراده على الأعمال السيئة، والصفات الرديئة، يفتقر إلى الحب والاحترام والتعاون وتبنى العلاقات فيه على المداهنة والغش والبغض لابد أن يكون خلوا من روح التكافل الاجتماعي)([4]).
الهوامش:
([1]) راجع ص 245 وما بعدها من هذا البحث.
([2]) راجع ص 257 وما بعدها من هذا البحث.
([3]) خطب 23 ـ الفقرة الثانية ـ وكليل ـ ضفيف غير قاطع، معتكفون ـ مداومون ومستمرون، الإدهان ـ الغش، وإظهار الشيء على غير حقيقته، العارم ـ الخبيث الشرير، معاذق غشاش ومذق اللبن خلطه بالماء، يعول يطعم ويكسي.
([4]) لمزيد من الاطلاع ينظر: فكر الإمام علي عليه السلام كما يبدو في نهج البلاغة: للدكتور جليل منصور العريّض، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 402-403.