مباحث أخلاقية وتنموية في عهد مالك الأشتر (رحمه الله) . الحلقة الثانية عشر: دلالة أمره(عليه السلام) مالك الأشتر «بملِك سَوْرَةَ حَدّه» وأثره في تنمية الذات والقيادة والأسرة.

مقالات وبحوث

مباحث أخلاقية وتنموية في عهد مالك الأشتر (رحمه الله) . الحلقة الثانية عشر: دلالة أمره(عليه السلام) مالك الأشتر «بملِك سَوْرَةَ حَدّه» وأثره في تنمية الذات والقيادة والأسرة.

359 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 19-09-2024

بقلم: السيد نبيل الحسني.

تناولنا في الحلقة السابقة أحد الركائز الأربعة المكوّنة لسوء الخلق بالمعنى الأعم، وهي حمية الأنف وبيّنا أثارها النفسية والأسرية على الإنسان ، بل ومطلق علاقاته الشخصية ولا سيما في مواقع الإدارة والقيادة وغيرها من مواقع المسؤولية، وسنتناوله بعون الله تعالى في هذا المقال الركيزة الثانية ، فمما ورد في عهده (عليه الصلاة والسلام) لمالك الأشتر (رحمه الله)، أنه قال: «امْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ، وسَوْرَةَ حَدِّكَ».
والنص الشريف يرشد إلى ملك سَوْرَة الحد بوصفها الرذيلة الثانية في مظاهر سوء الخلق، وقد تناول أهل اللغة المفردة فبينوا أن السَّوْرَةُ: هي الوَثْبَةُ؛ وقد سُرْتُ إِليه أَي وثَبْتُ إِليه.
ويقال: إِنّ لغضبه لسَوْرَةً. وهو سَوَّارٌ، أَي وثَّابٌ مُعَرْبِدٌ[1].
والحِدَّةُ: ما يعتري الإِنسان من النَّزقِ والغضب؛ تقول: حَدَدْتُ على الرجل أَحِدُّ حِدَّةً وحَدّاً؛ وعن الكسائي: يقال في فلان حِدَّةٌ[2].
قال ابن ميثم (رحمه الله) في شرحه للنص الشريف – موضع البحث - «سورة الرجل: سطوته وحدّة بأسه»[3].
والأمر - هنا - منه (عليه الصلاة والسلام) لمالك الأشتر (رحمه الله) بملك سَوْرَة حده، أي مسك الوثبة المتولدة من الغضب، وهو ما يعرف اليوم بحدة الانفعال أو العربدة، وهي صفة ذميمة تمنع بناء العلاقات مع الناس وتدفع الى العزلة والوحدة وعدم المعاشرة والألفة لما يظهر من الشخص المبتلى بها من سرعة الانفعال ورفع الصوت والصراخ وتعكر المزاج، فكيف إذا كان في موضع المسؤولية في القيادة والإدارة والراعي للأسرة وهي أكثر الموارد ظهورا وأعسرها على الإنسان بوصفها محل عيشه وموضع سكناه وراحته ومورد تعامله اليومي مع زوجته وأبناءه، وما يترتب عليها من أثار نفسية جمة تقود إلى نفرة بين الزوج والزوجة والآباء والأبناء لما تشكله من علاقة مشحونة بالتوتر وسوء الطبع والمزاج.
ومن ثمّ كي يتمكن الإنسان من تنمية ذاته وتطوير قدراته النفسية فلا بد له من النية الصادقة والعزم الجاد والإرداة الحقيقة والنقية من الأوهام وخداع النفس وتنميتها بملك فورة الحدة ومقت العربدة ليكون طيب العشرة وسهل المعاملة [4].

الهوامش:
[1] لسان العرب، ابن منظور: ج4 ص385
[2] الصحاح، الجوهري: ج2 ص463؛ لسان العرب، ابن منظور: ج3 ص142
[3] شرح نهج البلاغة، ابن ميثم: ج5 ص177
[4] لمزيد من الاطلاع ، ينظر : فقه صناعة الإنسان ، الأوامر والنواهي في عهد الإمام علي(عليه السلام) لمالك الاشتر(رحمه الله) ، دراسة في ضوء أصول الفقه والأخلاق ، السيد نبيل الحسني، ص170-171/ مع بعض الإضافة، إصدار: مؤسسة علوم نهج البلاغة - العتبة الحسينية المقدسة ، ط 1 -  دار الوارث كربلاء المقدسة 2023م .

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2825 Seconds