بقلم: د. حسام عدنان الياسري.
الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانع كل غنيمة وفضل، وكاشف عظيمة وأزل، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الاطهار.
وبعد:
وقد شاعت هذهِ الدلالة في نهج البلاغة، إذ أطلق مفردة (بَهِيْمة) دون أنْ يخصِّصْهَا بالدلالة على نوعٍ مُعَيِّن من هذهِ البَهائم، وذلك مناسبة للسياقات التي وردت فيها هذهِ اللفظة. مفرداً كانت أو جمعاً. ومن ذلك قوله (عليه السلام) في سياق الوصيّة بالعِبَادِ والبلاد: ((اتَّقُوا اللهَ فِي عِبَادِهِ وَبِلاَدِهِ، فَإنَّكُمْ مَسْؤُولُونَ حَتَّى عَنِ الْبِقَاعِ([1]) وَالْبَهَائِمِ...)) ([2]).أراد وصيّة أصحابه بكل ما في الأرض من عباد وبلاد، عاقل أو غير عاقل، حتى شملت وصيتّه البقاع من الأرض، وهي الأماكن المميزة عن غيرها من الأراضي، كأن تكون مشتملة على الزرع أو غيرها، والمراد باللفظ عامة البقاع لا خصوصها، مع العناية بالبُقْعَة المميزة من الأرض لاشتمالها على النبات. ولم تقتصر وَصِيَّتهُ (بالبِقَاع)، وإنما قَرَنَها بالمسؤولية الخاصة بـ (البَهائم) أيضاً. وهي دواب الأرضِ من الأنعام ذوات الأربع. ومسؤولية المخاطبين تجاهها، تظهر في ضرورة توفير العيش لها ورعايتها. وخَصّها بذلك؛ لكونها من الأحياء التي خلقها الله تبارك وتعالى لخدمة الإنسان وإطعامه. ومن نظير تلك الدلالة المتقدمة ما ورد في: (خ/153، 160، 186، ك/25، 31، 45، قصا/ 414).)([3]).
الهوامش:
([1]) البِقَاع جمع بُقْعَة – بالضَّمِّ – وهي القِطعة من الأرضِ التي تختلف عن هيئة ما بِجَنْبِهَا من الأرض. ينظر: لسان العرب (بقع): 8/18.
([2]) نهج البلاغة: خ/167: 304.
([3]) لمزيد من الاطلاع ينظر: ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: للدكتور حسام عدنان رحيم الياسري، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 77.