بقلم: الدكتور حسن طاهر ملحم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من تبوأ من الفصاحة ذروتها وأصبح بذلك أفصح العرب أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين لا سيما الإمام علي عليه السلام أمير البيان..
وبعد:
(ما كل مفتون يعاتب) ([1])
هذا قول الإمام (عليه السلام) لسعد بن أبي وقاص ومحمد بن سلمة وعبد الله بن عمر بن الخطاب لما امتنعوا عن الخروج لحرب الجمل.
(أعندكم شكٌ في بيعتي، قالوا: لا، فإذا بايعتم قاتلتم وأعفاهم من حضور الحرب) ([2]).
ونظيرها أو قريب منها قول أبي الطيب المتنبي:
فما كلُّ فَعّالٍ يُجازى بفــــعلـهِ ولا كل قـَـــــوّالٍ لــديّ يجـــابُ
ورُبَّ كلامٍ مرَّ فوقَ مسامعي كما طَنَّ في لفحِ الهجيرِ ذبابُ([3])
قال (عليه السلام) في الذين اعتزلوا القتال معه، خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل، وهو القائل، بحق عبد الله بن عمر وسعدٍ خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل([4]).
ويذكر أصحاب السير أن علياً (عليه السلام) نادى في الناس بالتأهب للمسير إلى العراق فدخل عليه سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب ومحمد بن سلمة، فقال له:
قد كان ما بلغك، فأعطني سيفاً يعرف المسلم من الكافر حتى أقاتل به([5]).
ومثله قول عبد الله وأما قول محمد بن سلمة: إن رسول الله أمرني أن أقاتل بسيفي ما قوتل به المشركون... وقد كسرته بالأمس ([6]))([7]).
الهوامش:
([1])- ابن سلامة: القاضي القضاعي (ت454هـ)، دستور معالم الحكم، مطبعة السعادة، مصر، ص20.
([2])- ابن أبي الحديد: شرح النهج، 4/10 حكمة (16).
([3])- المصدر نفسه، 18/119.
([4])- المفيد: الجمل، ص171، نهج البلاغة 4/629 حكمة (17).
([5])- الدنيوري: الأخبار الطوال، 1/205، ابن الجوزي: تلبيس ابليس، ص109.
([6])- الدنيوري: مصدر سابق، 1/205.
((([7]))) لمزيد من الاطلاع ينظر: الأمثال العربية ومدلولاتها التاريخية في كتاب نهج البلاغة، للدكتور حسن طاهر ملحم، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، 216-217.