بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
ما رواه ابنُ مَنظور مُستشهدًا في بـيانِ مَعنى لفظةِ(قَيْض): «قَــالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَـــالَ الجَوْهَرِيُّ: والقَيْضُ مَا تفلَّقَ مِنْ قُشور البَيْضِ الأَعلى، صَوابُهُ مِنْ قِشْر البَيْضِ الأَعلى بِإِفْرَادِ القِشْرِ لأَنَّه قَد وصَفَهُ بالأَعلى، وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ،(رِضْوانُ اللّهِ عَلَيْهِ): لَا تَكُونُوا كقَيْض بَيْضٍ في أَداحٍ يَكُونُ كَسْرُها وِزْرًا، ويَخْرُجُ ضِغَانُهَا شَرًّا»([1]).
في حديثِ الإمامِ(عليه السَّلام) نَهْي(لا تكونوا)، وهو من خُطبةٍ لَه كانَ يَأمرُ النَّاسَ بِالتزامِ الأخَلاقِ والآدابِ، وينهَاهُم عنِ الرَّذائلِ ونتائجهَا، ومن جملةِ ذَلكَ النَّهِي مَا جَاءَ في هذَا الحَديثِ، ولكنَّه رُويَ في النَّهجِ مختَلِفًا عَمَّا جَاءَ في اللِّسانِ، إذ وردَ في النَّهج بالشَّكلِ الآتي، « ولاَ تَكُونُوا كَجُفَاةِ الجَاهِلِيَّةِ، لاَ في الدِّينِ يَتَفَقَّهُونَ، ولا عَــنِ اَللهِ يَعْقِلُونَ، كَقَيْضِ بَيْضٍ في أَدَاحٍ، يَكُونُ كَسْرُهَا وِزْرًا، ويُخْرِجُ حِضَانُهَا شَرًّا»([2]).
ومَعنَاه، «نَهاهُم عن خُلُقِ الجاهليَّةِ في الجَفاءِ والقَسوةِ، وقالَ: إنَّهم لا يتَفقَّهونَ في دِينٍ، ولا يَعقلونَ عنِ اللهِ مَا يَأمُرُهمْ بِه ... ورويَ: (تَتَفَقَّهُونَ) بتاءِ الخِطابِ، ثمَّ شبَّهَهم ببيضِ الأفاعي في الأعشَاشِ، يُظنُّ بيضَ القطا، فَلا يَحلُّ لمَن رآهُ أنْ يكسرَه؛ لأنَّه يظنُّه بيضَ القطا، وحِضانُهُ يَخرُجُ شرًّا؛ لأنَّهُ يَفْقَصُ عنْ أفعَى»([3])، والنَّهي في هذه الحالِ يكونُ لبيانِ العاقبةِ؛ فكمَا كانَت نتيجةُ عدمِ كسرِ البيضِ المذكورِ شرًّا، كانتْ عاقبةُ تلك الأخلاقِ الَّتي نهى عنها شرًّا)([4]).
الهوامش:
([1]) لسان العرب(قيض): 7/224.
([2]) بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة: 13/272.
([3]) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 9/282.
([4]) لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 158.