بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
قَالَ ابنُ منظور في بَيانِ مَعنى(الآثِر):«وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ في دُعَائِهِ عَلَى الخَوارِجِ: ولَا بَقِيَ مِنْكُمْ آثِرٌ، أَي: مُخْبِرٌ يَرْوِي الحَدِيثَ»([1]).
نجدُ أنَّ الإمامَ عليًّا (عليه السَّلام) قدَّمَ الجَّارَ والمَجرورَ في قَولِه(منْكم) على(آثِرٌ)؛ لأَنَّ الدُّعاءَ كانَ مُنصَبًّا علَى الخَوارجِ لا علَى(الآثِرِ) وهو المُخبرُ، بِخلافِ لو قَالَ: (آثِرٌ مِنْكمْ) فَإنَّ التَّركيزَ يَكونُ في الفَاعلِ(الآثِرِ)؛ فَنراهُ قُدِّمَ لغرضِ الاختصـاصِ أوَّلًا، والاهتمامِ ثَانِيًا.
وقد رُويَ الحديثُ في نهجِ البَلاغةِ بِثلاثِ رِواياتٍ، قالَ الرَّضِيّ (رحمه الله): «يُروَى على ثَلاثةِ أوجه: أحدُها أنْ يكونَ كمَا ذكرنَاهُ(آبِر) بالرَّاء، من قولِهِم: (رجلٌ آبِرٌ)، للَّذي يأبر النَّخلَ، أيْ: يُصلحهُ. ويُروَى(آثِر) بالثَّاء، بثلاثِ نقطٍ، يُراد به الَّذي يَأثرُ الحديثَ، أي: يَرويه ويحكيه، وهوَ أصحُّ الوَجوهِ عندِي، كأنَّهُ (عليه السَّلام) قَالَ: لا بَقى مِنكمْ مُخبرٌ. ويروى(آبِز) بالزَّاي المُعجمةِ، وهو الوَاثبُ، والهالكُ أيضًا يُقالُ لُه: آبِز»([2]))([3]).
الهوامش:
([1]) لسان العرب(اثر): 4/6.
([2]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 4/129.
([3]) لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 158.