تعد المناقبية من بين أهم السمات التي اتسم بها الفكر الإسلامي، فشكلت هويته العقدية، فَحُرم منها رجال وحظي بها رجال آخرون سطّروا بفضائلهم وسيرتهم حياة الإسلام وهويته بين الأمم والحضارات.
وحينما نأتي إلى مناقبية رجل كعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وبيان شطرٍ من فضائله نكون قد أتينا إلى الإسلام كله والسبب في ذلك يعود إلى تأثّر جميع المدارس الإسلامية بهذه الشخصية.
فما من مدرسة من مدارس الإسلام، أو مذهب من مذاهبه، فقهاً وعقيدة، إلا ولعلي (عليه السلام) فيه سهم، فكل اولئك شغلهم علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) واحتاروا في شخصه، ومعرفة نفسه الشريفة التي غمرتها الفضائل وزينتها المناقب، فبين مبهور متحير فيه، وبين جاهدٍ ومجتهد في البحث عن مثلبة واحدة له فلم يجد، فازداد بذاك موالوه ومحبوه حباً، وازداد بذلك مخالفوه ومبغضوه كمداً ونصباً، فنجى من نجى، وهلك من هلك.
ولم تكن المدرسة الصوفية بمعزل عن التأثر بهذه الشخصية، فلقد أدلت بدلوها في بحر فضائله ومناقبه وتأثرت بها أيما تأثر لا سيما مصنف هذا السفر الموسوم بـ (معارج العلا في مناقب المرتضى) الشيخ محمد صدر العالم الذي نال الشرف في جمعه لهذا النزر القليل من بحر فضائله، وأقر عينه بتسطير مناقبه، وطيب أنفاسه بنسمات سيرته؛ فجزاه الله خيراً عن عمله هذا، وحشره مع من يتولى.