بقلم: د. قاسم خلف السكيني.
الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.
وبعد:
قال عليه السلام: ((نِعْمَ القريْنُ الرّضَى، والعِلمُ ورَاثةٌ كَريْمَةٌ، والآدابُ حُللٌ مُجدَّدَةٌ، والفِكْرُ مِرآةٌ صَافيَةٌ))[1].
الحُلَل جمع حُلَّة: وهو (إزار ورداء برد)[2]. وفي شرح الغرر: (الحلل هي اللباس الجديد)، وهو تفسير حسي فيه دلالة بعيدة. لأن الحلل هنا (كناية عن الزينة والبهجة المتجددة) حسب تفسير المعارج، وهو الأنسب. وربما يراد بالآداب، هنا: (آداب الشرع ومكارم الأخلاق) برأي البحراني الوارد في شرحه.
والمعنى المستفاد هنا، أن الرضى بما قسم الله سبحانه، والاتكال عليه. والتسليم بتدبيره يعقب الراحة ويبعث على القناعة. وان العلم والآداب والفكر، هي عوامل تساعد على الوصول إلى القناعة.
وفي ما يخص الرواية، فإن بعض روايات العيون أحادية، وبعضها الآخر لا يدعمها شاهد من النهج يؤيد صحة التركيب والأسلوب، كرواية (عليك بالعلم...) العيون ص 65، حيث لم يرد في النهج ما يماثل هذا الأسلوب (عليك بكذا...، وعليك بكذا) وإنما ضمن الإمام عليه السلام هذا الأسلوب أغلب الحكم والمواعظ والخطب والرسائل.
وإن روايتي (الرضى) و(الرضا) وان كانتا من جهة الدلالة نقيض السَّخَط[3] إلَّا أن (الرضاء): اسم و(الرضى) مقصور مصدر وهو رأي الأخفش[4]. ولذا قد يعتري جملة (نعم القرين الرضا) لبس، إذ قد يفهم منه اسم بعينه)[5].
الهوامش:
[1] رويت الحكمة بجمل متفرقة في بعض المصادر، وبلفظ مختلف قليلا، فقد روي في العيون ص 454: (نعم القرين الدين)، و في ص 40 (الآداب حلل مجددة)، وفي ص 21: (والفكر مرآة صافية). وكذلك، وردت متفرقة في الدستور، وبلفظ المتن في الصفحات: (21، 16، 17، 15) برواية (الرضا) بدلا من (الرضى). ووردت الحكمة كاملة بلفظ المتن في: الحدائق 2 / 432، والمنهاج 3 / 243، والمعارج ص 398، والترجمة 2 / 403، وشرح ابن أبي الحديد 18 / 88 /، وشرح البحراني 5 / 239، والمصباح ص 578.
[2] اللسان: (حلل).
[3] العين (رضي) 4/192.
[4] الصحاح (رضي).
[5] لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص31-32.