شرح حكم الإمام علي عليه السلام: الحكمة (64)

218 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 01-07-2025

قال عليه السلام: مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ للنَّاس إماماً، فَعَليه أنْ يَبْدأَ بتَعليمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعليم غَيْره وَلْيَكُنْ تَأْديبُهُ بِسيرَته قَبْلَ تَأْديبه بلسانه. ومُعَلّمُ نَفْسه ومُؤَدّبها أَحَقُّ بالإجْلال منْ مُعَلّم الناس ومُؤَدّبهم

بقلم: د. قاسم خلف السكيني.

الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.

أما بعد:
قال عليه السلام: مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ للنَّاس إماماً، فَعَليه أنْ يَبْدأَ بتَعليمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعليم غَيْره وَلْيَكُنْ تَأْديبُهُ بِسيرَته قَبْلَ تَأْديبه بلسانه. ومُعَلّمُ نَفْسه ومُؤَدّبها أَحَقُّ بالإجْلال منْ مُعَلّم الناس ومُؤَدّبهم([1])

الإمامة هنا، بمعنى التقدم على الغير.

وخلاصة المعنى أن من دعا إلى شيء، يجب عليه تطبيقه على نفسه أولاً، قبل إلزام غيره به. ويبين الإمام (عليه السلام): أن على الداعية استكمال الفضائل من جهة تهذيب النفس، وانصياعها لما يدعو إليه، ومن ثم الشروع بدعوة الآخرين. أي تطبيق ما يدعو إليه على نفسه، بحيث يكون سلوكه هو الداعي، لا قوله وادعاؤه. وهذه الدلالة متحققة في سير الأنبياء (عليهم السلام)، والأئمة المعصومين (عليهم السلام)، والصالحين، والعلماء العاملين.

وقد وردت ملاحظة مهمة في شرح ابن أبي الحديد على هذه الحكمة، وهي: (اذا كان الأصل معوجّاً استحال ان يكون الفرع مستقيماً) يريد بذلك تطابق الأصل، الذي ربما يعني به سلوك الداعية وأخلاقه، مع الفرع. الذي يقصد به لسان الداعية. الذي ينطلق به إلى دعوة الناس. وقد يريد أن من فسدت سريرته لم يقدر على إصلاح غيره)([2]).

الهوامش:
([1]) وردت دون خلاف في: المنهاج 3/281، والترجمة 2/439، وشرح ابن أبي الحديد 18/220، وشرح البحراني 5/275، والمصباح ص594.
([2]))لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص83-84.