من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث حقول المعادن والأدوات والآلات ومتعلقاتها/ 3- الدِّسار قوله عليه السلام: (رَفعَها بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُها وَلَا دِسَارٍ يَنْتظِمُها)

مقالات وبحوث

من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث حقول المعادن والأدوات والآلات ومتعلقاتها/ 3- الدِّسار قوله عليه السلام: (رَفعَها بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُها وَلَا دِسَارٍ يَنْتظِمُها)

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 17-08-2025

بقلم: د. زهراء حسين جعفر

الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد:
قال الإمام عَلِيّ (عليه السلام): ((رَفعَها بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُها وَلَا دِسَارٍ يَنْتظِمُها))([1]) نلحظ قوله وبراعته في التسجيع المنتظم(رَفعَها، ويَدْعَمُها، ويَنْتظِمُها) تعود لغائب، وبالرجوع الى سياق الكلام أو الخطبة في نهج البلاغة نجد قوله (عليه السلام): (( فسوى منه سبع سموات جعل سفلاهن موجا مكفوفا ، وعلياهن سقفا محفوظا، وسمكا مرفوعا، بغير عمد يدعمها، ولا دسار ينتظمها. ثم زينها بزينة الكواكب، وضياء الثواقب))([2]).
لفظة (دسار)عدَّها اصحاب الغريب من الغريب، إذ قال الخليل: ((الدِّسار خَيْط من ليف تُشَدُّ به ألواحُ السَّفينةِ، وكذلك تُسَمَّى المَساميرُ في أمر السفينة دُسُراً، واحدها دِسارٌ))([3]). وأصل الدسار من (دسر) يُقَال: (( دَسَرْتُ المِسْمارَ أدسُره وأدسِره دَسْراً)) ([4]).
قوله (عليه السلام): (ولا دِّسار ينتظمها)، (الدِّسَار) كذا ورد في كتب غريب الحديث: (المِسْمار)([5]). وكلّ شيءٍ يكون نَحْو السَّمْر. وَإِدْخَال شَيْء فِي شَيْء بقوّة وشِدّة فَهُوَ الدَّسْر([6])، ويُقالُ لمساميرِ السَّفينةِ: الدُّسر، ومنه عن النبيّ (صلى الله عليه و آله) في قوله تعالى: {وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ}([7]). فوجه الغرابة أنَّه استعمل الفاظ السفينة للسماء فجعلها كالسفينة، والأغرب من ذلك بيَّن قدرة الخالق كيف (سوى السماء بغير عمد ولا دِّسار)، أي: ولا مسمار ينتظمها وبذلك نجد براعته في تطور المفردة فقد أدخل سعة على اللسان العربي باستعماله اللفظة في غير مجالها اللغوي)([8]).

الهوامش:
([1]) النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/116، وينظر: غريب الحديث في بحار الأنوار: 2/25.
([2]) نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد: 1/83.
([3]) العين: (دسر)7/225.
([4]) تهذيب اللغة: (دسر)12/248.
([5]) ينظر: النهاية في غريب الحديث: 2/116، نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد: 1/83، غريب الحديث في بحار الأنوار: 2/25.
([6]) ينظر: تهذيب اللغة: (دسر)12/248.
([7]) سورة القمر: 13.
 ([8])  مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص206-207.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.1075 Seconds