شغل موضوع الملائكة في الفكر الإسلامي حيّزاً لا يستهان به وذلك لكونه مقدّمة للإيمان بالكتب السماوية وبعث الأنبياء عليهم السلام، ومن ثم يعدُّ الإيمان بهم من أركان الإيمان بالله تعالى، فضلاً عن أثر هذا الإيمان في تحقيق منظومة الإيمان بالغيب الذي جعله القرآن الكريم أحد مكونات التقوى، وأول صفات المتقين، قال تعالى: ﴿الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾[1].
من هنا:
فإن الحديث عن الملائكة كان له من الأثر الإيماني والنفسي في المؤمنين، ما يجعله يعيد النظر في الماديات وما يحيط به من ظواهر حياتية وشهودية وينقله إلى عالم الغيب وعالم الطهر والنور والرحمة، وإن كان من بين مهام بعض الملائكة نزول العذاب؛ إلا أن المرتكز في الأذهان والملائم للقلوب هو الجانب الرحماني والنوراني كلما ورد ذكر الملائكة عليهم السلام.
ولأن خير ما نستعين به على معرفة هذا العالم الخاص بعد كتاب الله وحديث رسوله صلى الله عليه واله وسلم هو حديث أمير المؤمنين علي عليه السلام، لا سيما فيما ورد في كتاب نهج البلاغة فقد تضمّن العديد من الأحاديث الطويلة والقصيرة التي اختصت بالملائكة، ولأهمية هذا الموضوع ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة طباعة هذا البحث القيم.