بقلم: د. نهاية جبر المحمداوي- الجامعة المستنصرية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
دعا الإمام (عليه السلام) إلى بناء الإنسان منذ الطفولة، فرسم منهجية تربوية ترعى نمو الولد، وبنائه إيمانياً وأخلاقياً وعلمياً فالتربية على الإيمان بالله والفضائل في الصغر تترسخ في حركات الإنسان المستقبلية فقد استخدم الإمام علي (عليه السلام) صوراً مشرقة وعبارات لها إضاءات تغسل النفس البشرية فتظل نفساً صافيةً تشرق عن نية سليمة إذ قال (في الصغر يكون الطفل في نية سليمة ونفس صافية، أي بني أني.. بادرت بوصتي اليك.. قبل ان يسبقني اليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا، فتكون كالصعب النفور، وإنما قلب الحدث، كالأرض الخالية، وما ألقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل ان يقسو قلبك، ويشتغل لبك).
فقد أكد الإمام (عليه السلام) من خلال هذه النصيحة أن مرحلة الطفولة مرحلة تثبت فيها الصفات الشخصية اي تجذير العادات والاعمال في عهد الصبي لذلك دعا الإمام علي (عليه السلام) إلى تثبيت الفضائل في قلب الصغير قبل ان ينغلق على المفاسد (من شب على شيء شاب عليه)[1].
وقد كانت إرشادات الإمام علي (عليه السلام) ونصائحه إلى الوالدين في تربية اولادهم منذ الصرخة الاولى للولادة حيث يأخذ الاب الطفل ويؤذن في يمناه ويقيم في يسراه وتحمل موجات الاثير إلى صفاء ذاكرة الطفل: كلمات: الله أكبر وشهادتي التوحيد والنبوة وتلبية الصلاة والفلاح وخير الاعمال فيض من الكلمات تركز على التربية الايمانية وتؤلف ترسيماً لخطة تربوية ايمانية تعليمية واخلاقية تتواصل وتتلاحم إذ قال (عليه السلام).
1.(حق الولد على الوالد ان يحسن اسمه ويحسن ادبه ويعلمه القرآن)
2.(حق الولد على والده ان يعلّمه الكتابة والسباحة والرماية)
3.(علموا اولادكم الصلاة اذا بلغوا سبعاً، واضربوهم عليها اذا بلغوا عشراً وفرقوا بينهم في المضاجع)
4.(أمروا اولادكم بطلب العلم)[2]
وحرم الإسلام عقوق الوالدين بجميع الوانه ومراتبه قال امير المؤمنين(عليه السلام) (من احزن والديه فقد عقهما) (العذاري،1416هـ،ص75).
وقال الإمام (عليه السلام) ايضاً في المودة بين الآباء والأبناء (مودة الاباء قرابة بين الابناء) وفي تربية الاولاد يقول (ليتأس صغيركم بكبيركم وليرأف كبيركم بصغيركم)[3].
وأكد أمير المؤمنين (عليه السلام) أهمية الصلة بالأرحام وتقديرها واحترامها وعلى الزيارات المستمرة تفقداً لأوضاعهم الروحية والمادية وتوفير مستلزمات العيش الكريم لهم وكف الاذى عنهم:
ودعا امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى تفقد أحوال الأرحام المادية واشباعها فقال: (ألا لا يعدلنَّ أحدكم عن القرابة يرى بها الخصاصة ان يسدها بالذي لا يزيده ان امسكه ولا ينقصه إن أهلكه ومن يقبض يده عن عشيرته فإنما تقبض منه عنهم يد واحدة وتقبض منهم عنه أيدٍ كثيرة ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودة) وادنى الصلة هي الصلة بالسلام قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (صلوا ارحامكم ولو بالسلام)[4]([5])
الهوامش:
[1] نصرالله 2006، ص202-203
[2] نصر الله،2006،ص204
[3] بيضون،1417،ص643
[4] العذاري،1426، ص105
([5]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الإرشاد في فكر الإمام علي عليه السلام، للدكتورة نهاية جبر المحمداوي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، ص72-74.