ألفاظ النباتات وما يتعلق بها في نهج البلاغة: 7ـ الأغصان:

مقالات وبحوث

ألفاظ النباتات وما يتعلق بها في نهج البلاغة: 7ـ الأغصان:

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 06-08-2025

بقلم: د. سحر ناجي المشهدي

الحمد لله الأول قبل الإنشاء، والآخر بعد فناء الأشياء، أحمده استتمامًا لنعمته، واستعصاماً من معصيته، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على من اصطفى من الخلق أجمعين سيدنا ونبينا محمد وآل الطاهرين..

اما بعد:
ورد هذا اللفظ سبع مرات في النَّهْج ليدل على:
 (المعنى المجازي)  فورد مفردا مرة واحدة على زنة (فـُعْل)  في صفة بني أمية قائلا: « افْتَرَقُوا بَعْدَ أُلْفَتِهِمْ، وَتَشَتَّتُوا عَنْ أَصْلِهِمْ،  فَمِنْهُمْ آخِذٌ بِغُصْن أَيْنَما مَالَ مَالَ مَعَهُ»([1])،  وهنا حذف،  إذ قال الشارح البحراني: « يكون منهم من يتمسك بمن أخلفه بعدي من ذرية الرسول صلى الله عليه واله وسلم  اينما سلك سلك معه كالشيعة،  وتقدير الكلام:  ومنهم من ليس كذلك.  إلاَّ أنَّه استغنى بالقسم الأول لدلالته على الثاني» ([2]).  وتمثيله رصين لاختياره للغصن فهو المواجه للريح. 

  وجاء هذا اللفظ مجموعًا على زنة (أفْعَال) و(فـُعُول)، فمن وروده على صيغة الجمع الأولى (أفْعَال): وهي صيغة جمع قلة اذ وردت في اربعة مواضع؛ منها قوله قبل موته: «إِنْ تَثْبُتِ الْوَطْأَةُ فِي هذِهِ الْمَزَلَّةِ فَذَاكَ، وَإِنْ تَدْحَضِ الْقَدَمُ فَإِنَّا كُنَّا فِي أَفْيَاء أَغْصَان، وَمَهَابِّ رِيَاح» ([3]).

  وكنَّى بالأمور المذكورة عن أحوال الدُّنيا وملذاتها وبقائه فيها ومتاعه بها، وذهب البحراني الى وجود إستعارة تمثيلية، فاستعار لفظ (الأغصان) للأركان الأربعة من العناصر، ولفظ (الأفياء) لما تستريح فيه النفوس من تركيبها في هذا العالم، أمَّا وجه الإستعارة الأولى أنَّ الأركان في مادتها كالأغصان للشَّجرة والثانية الأفياء محلا للإستراحة واللذة كما ان الكون في هذا البدن حين صحة التركيب وإعتدال المزاج من هذه الأركان كذلك([4]).

  ومن وروده على صيغة الجمع الثانية وهي (فعول) متصلاً بهاء الغيبة، وهي صيغة جمع الكثرة؛ اذ وردت مرة واحدة في النَّهْج، وذلك في قوله مبينا لفضل أهل البيت (عليهم السَّلام): «وَإِنَّا لاُمَرَاءُ الْكَلاَمِ، وَفِينَا تَنَشَّبَتْ عُرُوقُهُ، وَعَلَيْنَا تَهَدَّلَت غُصوُنُه»([5])،  فقد إستعار لفظ الغُصُّون لما أمكنهم من تناوله،  ورشَّح بذكر التهدًل من شأن الغُصِّن ذلك.  ثم عقب بذكر الغصن ذلك([6]).

فتقديم شبه الجملة الجار والمجرور (فينا، علينا) على الفعل والفاعل؛ للتوكيد والإهتمام، فالأصل فيهما: تنشبت عروقه فينا، وتهدلت غصونه علينا. إن ورود لفظة (الأغصان والغصون) لها دلالات نفسية، فهي نادرة في حياة العرب، وهي محط أمانيهم؛ لذلك خاطبهم بما يحبون أن يجدوه وما يتمنون وقوعه، فكأنّه عرف مافي نفوسهم، فأذكى شعورهم بذلك القول.

  والغُصنُ ماتشعب من ساق الشجرة دِقٌها وغِلاظُها،  وجمعه:  غُصُون ٌ،  ويجمع الغُصْن على غِصنَة وأغصاناً،  واحدته غُصْنةٌ والجميع غُصُن  ([7]).

  قال ابن فارس: «الغين والصاد والنون كلمة واحدة، وهي غصن الشجرة، والجمع غصون وأغصان.  ويقال:  غصنت الغصن:  قطعته» ([8]).

 وفي المحكم:  الغصن ما تشعب عن ساق الشجرة دقاقها وغِلاظها،  والغُصْنَة:  الشعبة الصغيرة منه([9]))([10]).

الهوامش:
([1]) نهج البلاغة: خ 166، 173.
([2]) شرح نهج البلاغة: 3 / 294.
([3]) نهج البلاغة: خ 149، 147، أفياء أغصانٍ: الظلُّ الذي ينسخ ضوء الشمس عن بعض الأمكنة.
([4]) ظ: شرح نهج البلاغة: 3 / 198.
([5]) نهج البلاغة: خ 233، 261.
([6]) ظ: شرح نهج البلاغة: البحراني: 3 / 102.
([7]) ظ: العين (مادة غصن): 4 / 373.
([8]) مقاييس اللغة: 4 / 426.
([9]) ظ: لسان العرب (مادة غصن):  5 / 3262.
([10]) لمزيد من الاطلاع ينظر: المعجم الاقتصادي في نهج البلاغة، للدكتورة سحر ناجي المشهدي، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 283-285.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.0973 Seconds