العوامل المذهبية والمجتمعية وتأثيرها على رواية فضائل الإمام علي عليه السلام / الحلقة الثالثة: اتهام الرواة بالمغالاة.

فضائل الإمام علي عليه السلام

العوامل المذهبية والمجتمعية وتأثيرها على رواية فضائل الإمام علي عليه السلام / الحلقة الثالثة: اتهام الرواة بالمغالاة.

3K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 20-04-2022

بقلم: أ. د. ختام راهي الحسناوي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عل خير الخلق أجمعين محد وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
فقد كان اتهام الرواة بالمغالاة في فضائل الإمام علي أمراً يُسهل مهاجمتهم ومطاردتهم، مثلما حدث لأبي بكر محمد بن يحيى بن العباس الصولي (ت330هـ/941م)[1] الذي روى خبراً في عليّ فطلبته الخاصة والعامة لتقتله[2].
بل وكان ذلك الاتهام يضطرهم أحياناً إلى مغادرة أماكن إقامتهم مثلما حدث لإبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي (ت283هـ/896م) الذي ألف كتاب (المعرفة) وذكر فيه مناقب الإمام علي المشهورة، ومثالب غيره، فاستعظمه الكوفيون وأشاروا عليه بتركه وأن لا يُخرجه، فخرج إلى اصفهان ورواه بها ثقةً منه بصحة ما رواه فيه[3].
وقد حاول هذا الرأي العام–المعارض للتحديث بفضائل الإمام علي–أن يمارس تأثيراً وضغطاً حتى على الرواة المستقلين الذين كانوا يعظمون الخلفاء الأربعة (أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً)، لإطراء معاوية والتحديث بفضائله (الموضوعة) مضاهاةً لفضائل الإمام علي، مثلما حدث للحاكم النيسابوري (ت405هـ/1014م)[4] الذي منعه أصحاب عبد الله بن كرام (الكرامية) من الخروج من داره إلى المسجد، وكسروا منبره فقال له عبد الرحمن السلمي: ((لو خرجت وأمليت في فضائل هذا الرجل–معاوية–حديثاً لاسترحت من المحنة! فقال: لايجيء من قلبي، لا يجيء من قلبي))[5].
ولما جمع في كتابه المستدرك بعض الأحاديث في فضل الإمام علي (عليه السلام) وأكد أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم يلزمهما إخراجها في صحيحيهما، منها حديث الطير[6]، وحديث (ومن كنت مولاه فعليّ مولاه)[7]، أنكر عليه أصحاب الحديث ذلك ولم يلتفتوا فيه إلى قوله، ولا صوبوه في فعله[8]!!! واتهموه بأنه رافضي خبيث، وفي أهون التُهم–المزرية في نظرهم–أنه يتشيّع[9] )[10].

الهوامش:
[1] من الأدباء الظرفاء والجماعين للكتب، نادم الراضي العباسي، وكان أولاً يُعلمه، ونادم المكتفي ثم المقتدر دفعة واحدة، حسن المروءة توفي مستتراً بالبصرة لأنه روى خبراً (أو جزءاً) في علي (عليه السلام)، وله عدد من الكتب منها كتاب الأوراق في أخبار الخلفاء والشعراء، وغيرها كثير.
ابن النديم، الفهرست، ص243.
[2] المصدر نفسه، ص243.
[3] النجاشي، رجال، ص19. وينظر ما ذكره اغا بزرك الطهراني عن (كتاب المعرفة) وأنه في أربعة أجزاء. الذريعة، 21/243.
[4] محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه الإمام الحافظ الناقد العلامة شيخ المحدثين صاحب التصانيف كما وصفه الذهبي، ولد سنة 321هـ/933م بنيسابور وسمع من نحو ألفي شيخ، وارتحل إلى العراق والحجاز، وهو ثقة واسع العلم بلغت تصانيفه قريباً من خمسمائة جزء. توفي سنة 405هـ/1014م.الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، 3/93–94؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء، 12/74–78.
[5] الذهبي، سير أعلام النبلاء، 12/79؛ ابن كثير، البداية والنهاية، 11/289.
[6] روي هذا الحديث بعدة أسانيد منها عن سفينة، قال: ((أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم طيرين بين رغيفين، فقدّمت إليه الطيرين، فقال رسول الله: ((اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك)) فجاء علي بن أبي طالب... فأكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الطيرين حتى فَنَيا)). ابن حنبل، فضائل أمير المؤمنين، ص147.وأورده ابن عساكر من 44 طريقاً. ترجمة الإمام علي، 2/105–151 وصنّف فيه عدد من الحفاظ مصنفات مفردة. منهم الذهبي، والحاكم النيسابوري وغيرهم كثير.الذهبي، سير أعلام النبلاء، 12/76، 80.
[7] ينظر: المستدرك، 3/325–353.
[8] الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، 3/94؛ ابن كثير، البداية والنهاية، 11/289.
[9] الذهبي، سير أعلام النبلاء، 12/79.
[10] لمزيد من الاطلاع ينظر: رواية فضائل الإمام علي عليه السلام والعوامل المؤثرة فيها (المراحل والتحديات)، الدكتورة ختام راهي الحسناوي، ص 125 – 127.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3114 Seconds