بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
قَالَ ابنُ منظور في بيانِ مَعنى لفظةِ(حَسَّ): «وفِـــي الحَدِيثِ: حُسُّوهم بِالسَّيْفِ حَسًّا، أَي: استأْصلوهم قَتْلًا. وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: لَقَدْ شَفى وحاوِحَ صَدْرِي حَسُّكم إِيَّاهم بالنِّصَالِ»([1]).
قدَّمَ الإمامُ (عليه السَّلامِ) المفعولَ بهِ (وحاوِحَ صدْرِي) علَى الفَاعِلِ (حسُّكمْ)، وهو من التَّقديمِ الجَائزِ، وقدْ أفادَ هذا التَّقديمُ(الاختصاص)؛ لأنَّهُ لا يَشفي صدرَه إلَّا استئصالُ هؤلاءِ الفَاسقينَ، وكانت الخُطبةُ في أحدِ أيَّامِ صِفِّينَ، وقد رُويتْ في النَّهجِ بهـــذا الشَّكلِ: «ولَقَد شَفَــى وحَـاوِحَ صَــدرِي أَنْ رَأَيـْـتُكُـم بِأَخَــرَةٍ تَحُوزُونَهُم كَمَا حَازُوكُـــم وتُزِيلُونَهُم عَن مَوَاقِفِهِم كَمَا أَزَالُوكُم حَسًّا بِالنِّصَالِ وشَجْرًا بِالرِّمَاحِ»([2]).
يَكشفُ لنَا السِّياقُ عن أمرٍ آخر فَضلًا عن التَّخصيصِ، هو مَا أصابَ صَدرَ الإمامِ مِن الغيظِ، ومَا تَجرَّعَهُ مِن تَصرّفاتِهم وأفعالِهم البَغيضَةِ، فَهو وصفَ نَفسَهُ بالمَريضِ الَّذي لا يَشفَى إلَّا بِقتلِ هؤلاءِ جَميعًا، وهذَا يَدلُّ علَى حَالةِ اليأسِ الَّتي ألمَّتْ بِالإمامِ مِن خيرِهم، وإصلاح فسادِهم)([3]).
الهوامش:
([1]) لسان العرب(حسس): 6/52.
([2]) بهج الصباغة: 10/280.
([3]) لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 162.