بقلم: د. حسام عدنان الياسري.
الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانع كل غنيمة وفضل، وكاشف عظيمة وأزل، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الاطهار.
وبعد:
التّمَعّك الدلك والتقلب والتمرغ في التراب([1]). وتمعكت الدابة، إذا تقلبت في التراب([2]). ولفظة (تَمّعكَتْ) من الفاظ نهج البلاغة، التي وردت فيه مرة واحدة([3])؛ للدلالة على تمعك الأرض على الماء، ومنعها له من التلاطم والهياج. وذلك في قوله (عليه السلام) واصفاً القاء الارض بثقلها على الماء: ((... فَخَضَعَ جِمَاحُ الْمَاءِ الْمُتَلاَطِمِ لِثِقَلِ حَمْلِهَا، وَسَكَنَ هَيْجُ ارْتِمَائِهِ إِذْ وَطِئَتْهُ بِكَلْكَلِهَا، وَذَلَّ مُسْتَخْذِياً ([4]) إِذْ تَمعَّكَتْ عَلَيْهِ ِكَوَاهِلِهَا([5])...))([6]). وقد تقدم أن الإمام صور اصطخاب أمواج الماء وتلاطمها بالجمل الهائج، وكان دحو الأرض علامة على كعم هذه الأمواج، وكبح جماحها، وقد استعمل الإمام (عليه السلام) صورة أخرى جعلها بإزاء (الجَمَل الهائج)، وهي صورة الدابة التي تلقي بِكَلْكَلِها على الأرض، متمرّغة عليها بكواهلها، كما تتمرغ الدابة في تراب، موظّفاً مفردة (تَمَعّكَتْ)، لبيان إِذلال الأرضَ للماء، ومنعه من تقاذف أمواجه، فهي كمن تكبح جماحه وتذلّه أَذلته بِتَمُّعِكهَا عليه. وهذا المعنى مأخوذ من دلالة (المَعْك) على الإذلال والإهانَة([7]))([8]).
الهوامش:
([1]) ينظر: العين (معك): 1/210، ولسان العرب (معك): 10/490.
([2]) ينظر: العين (معك): 1/210.
([3]) ينظر: المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة: 423.
([4]) استخذى، انكسر، واسترض. ينظر: تاج العروس (خذي): 37 / 41.
([5]) الكاهل ما بين الكتِفَيْن. ينظر: لسان العرب (كهل): 11/602.
([6]) نهج البلاغة: خ/91: 161.
([7]) لسان العرب (معك): 10/490.
([8])لمزيد من الاطلاع ينظر: ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: للدكتور حسام عدنان رحيم الياسري، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 137-138.